Wednesday, November 20, 2013

فضل العلم - الجزء الثاني


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, هذه المشاركة تابعة للمشاركة السابقة وهي بيان فضل العلم, وأترك هذا البيان لإمامين جليلين, أحدهما الإمام ابن حزم والآخر ابن قيم الجوزية رحمهما الله. قال ابن حزم رحمه الله: " لو تدبر العالم في مرور ساعاته ماذا كفاه العلم من الذل بتسلط الجهال ومن الهم بمغيب الحقائق عنه ومن الغبطة بما قد بان له وجهه من الأمور الخفية عن غيره لزاد حمدا لله عز وجل وغطبة بما لديه من العلم ورغبة في المزيد منه"

وقال أيضا في فضل العلم: "لو لم يكن من فضل العلم إلا أن الجهال يهابونك ويجلونك, وأن العلماء يحبونك ويكرمونك, لكان ذلك سببا إلى وجوب طلبه فكيف بسائر فضائله في الدنيا والآخرة. ولو لم يكن من نقص الجهل إلا أن صاحبه يحسد العلماء ويغبط نظراءه من الجهال لكان ذلك سببا إلى وجوب الفرار عنه فكيف بسائر رذائله في الدنيا والآخرة... لو لم يكن من فائدة العلم والاشتغال به إلا أنه يقطع المشتغل به عن الوساوس المضنية ومطارح الآمال التي لا تفيد غير الهم وكفاية الأفكار المؤلمة للنفس لكان ذلك أعظم داع إليه فكيف وله من الفضائل ما يطول ذكره...  ومن أقلها ما ذكرنا مما يحصل عليه طالب العلم وفي مثله أتعب ضعفاء الملوك أنفسهم فتشاغلوا عما ذكرنا بالشطرنج والنرد والخمر والأغاني وركض الدواب في طلب الصيد وسائر الفضول التي تعود بالمضرة في الدنيا والآخرة وأما فائدة فلا فائدة...

وأما ابن القيم رحمه الله فقد عقد مقارنة بين العلم والمال فقال: "فضل العلم على المال من عدة وجوه أهمها: أن العلم ميراث الأنبياء والمال ميراث الملوك والأغنياء, وأن العلم يحرس صاحبه وصاحب المال يحرس ماله. أن العلم يزداد بالبذل والعطاء والمال تذهبه النفقات – عدا الصدقة. أن العلم يرافق صاحبه حتى في قبره والمال يفارقه بعد موته إلا ما كان من صدقة جارية وأن العلم يحكم على المال فالعلم حاكم والمال محكوم عليه. أن المال يحصل للبر والفاجر والمسلم والكافر أما العلم النافع فلا يحصل إلا للمؤمن. أن العالم يحتاج إليه الملوك ومن دونهم وصاحب المال يحتاج إليه أهل العدم والفاقة والحاجة. أن صاحب المال قد يصبح معدماً فقيراً بين عشية أو ضحاها والعلم لا يخشى عليه الفناء إلا بتفريط صاحبه. أن المال يدعو الإنسان للدنيا والعلم يدعوه لعبادة ربه. أن المال قد يكون سبباً في هلاك صاحبه فكم أختطف من الأغنياء بسبب مالهم! أما العلم ففيه حياةٌ لصاحبه حتى بعد موته. سعادة العلم دائمة وسعادة المال زائلة. أن العالم قدره وقيمته في ذاته أما الغني فقيمته في ماله. أن الغني يدعو الناس بماله إلي الدنيا والعالم يدعو الناس بعلمه إلي الآخرة" اللهم آتنا الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا...

وأختم هذه المشاركة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" أيها القارئ العزيز, هل أعطيت هذا الحديث حقه من التأمل؟ إن تأملت الحديث لعلك علمت مفهوم الحديث, فمن أراد الله به خيرا يوفقه في الدين, وكأن من لم يفقه في الدين لم يرد به خيرا ولا حول ولا قوة إلا بالله ولكن لا يفهم من ذلك أن الله أراد بهم شرا لكن نفهم أنه لم يرد بهم خيرا من هذه الحيثية! فانظر إلى نفسك هل لك حظ من الفقه في الدين؟ ولا أقصد بالفقه فقط بعلم الفقه من أحكام الوضوء والصلاة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك فلا شك أن هذه الأمور, فرض على المؤمن أن يتعلمها وإلا لم تصح له صلاة ولا زكاة ولا حج...الخ ولكن هل فقهت معاني الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية؟ هل فقهت كيف تتغلب على هواك وشيطانك؟ وهل تفقه كيف تحافظ على سلامة قلبك من الرياء والعجب والحقد والحسد!؟ فعليك أن تنظر إلى نفسك عزيزي القارئ أن يكون لك حظ من الفقه في الدين, سواء في الأعمال الظاهرة والأعمال القلبية ولا تكن خسيس الهمة فترضى لنفسك أن تكون من الذين لم يرد الله بهم خيرا... 


No comments:

Post a Comment