Wednesday, January 12, 2022

الظل

 


(أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) {سورة الفرقان ٤٥}


هل سبق و توقّفت عند هذه الآية من قبل؟ هل سألت نفسك ما معنى مدّ الظل؟ ربّما لا و ربما نعم غير أهل التفسير من شدّة وقوفهم عند هذه الآية و الكلام فيها اختلفوا اختلافا عظيما، إذ اختلفوا في معنى الظل، و اختلفوا في معنى مد الظل، و اختلفوا في معنى لجعله ساكنا و اختلفوا في معنى (جعلنا الشمس عليه دليلا) و اختلفوا في الآية التي بعدها أيضا في معنى (قبضناه) و في معنى (يسيرا). 


الظل بحسب التعريف المعاصر هو الظلام الذي يسببه جسم ما عندما يحجب الضوء من الوصول إلى سطح ما. إذن الظل غير موجود إن انعدمت الإضاءة، أليس كذلك؟ هذا ما يقوله الناس و لكن أنا أرى أن الظل موجود و له كيانه الخاص بدلالة الآية من سورة الفرقان. إذ قال الله عز و جل فيها: (مد الظل) و قال تبارك و تعالى: (و لو شاء لجعله ساكنا) إذن الظل هذا موجود لكن المفهوم من القرآن أن الله عز وجل دلّنا على وجوده عن طريق الشمس بدلالة قوله: (ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) و بدلالة الآية التي بعدها: (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً). 


و هذا الذي فهمته من الآية من أن الظل له وجوده الخاص فهمه غيري من الناس. فمن العلماء المتقدمين و أهل التفسير فهم ذلك الطبري إذ يقول في تفسيره المعروف عند حديثه عن هذه الآية: يقول جلّ ثناؤه: ثم دللناكم أيها الناس بنسخ الشمس إياه عند طلوعها علـيه، أنه خـلْق من خـلق ربكم، يوجده إذا شاء، ويفنـيه إذا أراد والهاء فـي قوله «علـيه» من ذكر الظلّ. ومعناه: ثم جعلنا الشمس علـى الظلّ دلـيلاً. قـيـل: معنى دلالتها علـيه أنه لو لـم تكن الشمس التـي تنسخه لـم يعلـم أنه شيء، إذا كانت الأشياء إنـما تعرف بأضدادها، نظير الـحلو الذي إنـما يعرف بـالـحامض والبـارد بـالـحارّ، وما أشبه ذلك


و كذلك الفخر الرازي في تفسيره الكبير قال: أي خلقنا الظل أولاً بما فيه من المنافع واللذات ثم إنا هدينا العقول إلى معرفة وجوده بأن أطلعنا الشمس فكانت الشمس دليلاً على وجود هذه النعمة، ثم قبضناه أي أزلنا الظل لا دفعة بل يسيراً يسيراً فإن كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الظل في جانب المغرب، ولما كان الحركات المكانية لا توجد دفعة بل يسيراً يسيراً فكذا زوال الإظلال لا يكون دفعة بل يسيراً يسيراً، ولأن قبض الظل لو حصل دفعة لاختلت المصالح، ولكن قبضها يسيراً يسيراً يفيد معه أنواع مصالح العالم، والمراد بالقبض الإزالة والإعدام هذا أحد التأويلين. و من المتأخرين و المعاصرين الذين انشغلوا بدراسة القرآن لاحظ أن الظل ليس مجرّد عارض من عوارض الضوء أو الشمس، من أشهرهم الدكتور محمد شحرور و الدكتور علي منصور الكيالي.


و هذه الآية التي استفتحت بها هذا المقال، قد يُستدل بها على أن الأرض منبسطة مسطّحة و السماء فوقنا كالسقف، إذ قال الزمخشري المفسّر المعروف صاحب تفسير الكشّاف عند وقوفه عند هذه الآية هذا: أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبّكَ } ألم تنظر إلى صنع ربك وقدرته، ومعنى مدّ الظل أن جعله يمتدّ وينبسط فينتفع به الناس (وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً) أي لاصقاً بأصل كل مظلّ من جبل وبناء وشجرة. غير منبسط فلم ينتفع به أحد سمي انبساط الظل وامتداده تحركاً منه وعدم ذلك سكوناً، ومعنى كون الشمس دليلاً أنّ الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها في مسيرها على أحوال الظل، من كونه ثابتاً في مكان و زائلاً، ومتسعاً ومتقلصاً، فيبنون حاجتهم إلى الظل واستغناءهم عنه على حسب ذلك. وقبضه إليه أنه ينسخه بضح الشمس (يَسِيراً) أي على مهل. وفي هذا القبض اليسير شيئاً بعد شيء من المنافع ما لا يعدّ ولا يحصر، ولو قبض دفعة واحدة لتعطلت أكثر مرافق الناس بالظل والشمس جميعاً. فإن قلت ثم في هذين الموضعين كيف موقعها؟ قلت موقعها لبيان تفاضل الأمور الثلاثة كان الثاني أعظم من الأوّل، والثالث أعظم منهما، تشبيهاً لتباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت. ووجه آخر وهو أنه مدّ الظل حين بنى السماء كالقبة المضروبة، ودحا الأرض تحتها فألقت القبة ظلها على الأرض فيناناً ما في أديمه جوب لعدم النير، ولو شاء لجعله ساكناً مستقرّاً على تلك الحالة، ثم خلق الشمس وجعلها على ذلك الظل، أي سلطها عليه ونصبها دليلاً متبوعاً له كما يتبع الدليل في الطريق، فهو يزيد بها وينقص، ويمتدّ ويتقلص، ثم نسخه بها فقبضه قبضاً سهلاً يسيراً غير عسير. ويحتمل أن يريد قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهي الأجرام التي تبقى الظل فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه، كما ذكر إنشاءه بإنشاء إسبابه، وقوله قبضناه إلينا يدلّ عليه، وكذلك قوله يسيراً، كما قال (ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ) 


و أيضا من الفوائد المُستفادة من هذه الآية أن الشمس ليست سبب وجود الظل إنّما دليل على وجود الظل قوله عز و جل: (و لو شاء لجعله ساكنا) و هذا ما فهمه أهل التفسير، فمثلا في تفسير أبو حيان: (ولو شاء لجعله ساكناً) قال ابن عباس وقتادة وابن زيد: كظل الجنة الذي لا شمس تذهبه. وقال مجاهد: لا تصيبه الشمس ولا تزول. وقال الحسن: (لو شاء) لتركه ظلاً كما هو. و لو كانت الشمس سبب للظل و ليست دليلا عليه فلماذا لا نجد في الآية أي شيء يدل على قبض الشمس أو ذهاب ضوئها أو شيء من هذا القبيل؟ و اعلم أن في الجنة لا وجود للشمس بدليل قول الله عز و جل في سورة الإنسان: (مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا) و لكن الظل موجود في الجنة بدليل الآية من سورة الواقعة: (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ) و في سورة المرسلات: (إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى ظِلَٰلٍۢ وَعُيُونٍۢ) و في سورة يس: (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ) و في سورة النساء: (وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) نفهم من الآيات أن الظل له وجود مستقل عن الشمس غير أن الشمس دليل عليه. و حتى إن قلنا أن الظل في الآية التي استفتحت بها هذا المقال هو الظل المعروف عندنا اليوم أو أن المعنى هو الليل أو الوقت ما بين الفجر و طلوع الشمس فإن فيها رد على جميع القائلين أن الليل و النهار أو الظل مجرد عوارض من عوارض الشمس.


و هناك فائدة أخرى، في هذه الآية جعل الله من خصائص الشمس أنها دليل على الظل من دون القمر، بمعنى أنه ليس في الآية ذكر القمر أو أنه جعل القمر عليه (أي على الظل) دليلا. فإن كان القمر انعكاس لضوء الشمس، فلماذا لا يكون القمر دليلا على الظل؟ هل سمعت يوما عن إنسان يرى الظل تحت نور القمر من دون استخدام أدوات الإضاءة؟ عن نفسي لم أسمع بذلك و لم أشهد ذلك حقيقة و لكني شهدت منذ صغري كيف أن الشمس يدل على الظل. فإن قال المُعارض لكن الأدوات التي نستخدمها يمكننا معرفة مكان الظل بها، أقول هذا صحيح و ذلك لأن هذه الأضواء من طبيعة قريبة من طبيعة ضوء الشمس و ليس لها علاقة بنور القمر مما يُقوي الدليل أن نور القمر شيء و ضياء الشمس شيء آخر و بالتالي خطأ نظرياتهم فيما يتعلّق بكون القمر عاكسا لضوء الشمس.


و ملاحظة أخيرة في هذا المقال أنني لاحظت وجود ذكر الظلال مع السجود، مثال ذلك نجده في سورة الرعد: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) و أيضا في سورة النحل: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) اختلف أهل التفسير في معنى السجود على عدة أقوال و ذلك لأن هذه الآيات تُشعر أن هذه الظلال عاقلة و تسجد و من أجل هذا استشكل البعض هذا. هل سألت نفسك ما السر في كون الظل ليس له جسم ثلاثي البعد؟ اسأل نفسك و تفكّر لماذا هي ليست كذلك؟ 


و لاحظ أن الله الرحمن الرحيم يمتن على عباده بأن جعل لهم مما خلق ظلالا كما في الآية من سورة النحل: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)


عن نفسي عندي رأي لا أراه يصلح نشره في هذا المقال لأسباب كثيرة و أسأل الله أن يعينني على تدوينه في يوم ما لكن ما كتبت هذا إلا لشحذ همّتك أن في آيات الظل من الفوائد و المعاني العميقة التي بحاجة إلى تدبّر عميق فمن يدري قد يدفعك كلامي للبحث بنفسك عن هذه المعاني العميقة في القرآن ثم تراسلني بعد ذلك و تُخبرني بما وجدت والله هو الهادي إلى صراط مستقيم


عبدالعزيز النظري

تويتر

انستغرام


الكسوف و الخسوف

 

كم من مرة رأينا الشمس والقمر معا فترة الخسوف؟ كثيرون الذين رأوا مثل ما رأيت، فهذا دليل كافٍ على أنّ نظريتهم غير صحيحة، وذلك لأنّ القمر في جهة، والشمس في جهة أخرى والأرض في الوسط، فكيف يحدث الخسوف الذي هو عبارة عن ظلّ الأرض على وجه القمر؟ انتبه أنه كون القمر في جهة والشمس في جهة والأرض في جهة ويحدث الخسوف يدلّ أنها جميعا ليست على خطّ مستقيم. ثمّ إنك إن وضعت في اعتبارك حركة الأرض الخيالية حول محورها وحركة القمر حول محورها وحركتها المتطابقة حول الأرض وحركة الأرض والقمر حول الشمس بسرعات خيالية، وحركة الشمس داخل المجرة وحركة المجرة في هذا الكون بأرقام سماوية هائلة ثمّ يحدث هذا الخسوف بانتظام، ويمكن تحديده أمر عجب! 


عجبي أنّ الملاحدة المؤمنين بهذا ينكرون وجود الله الحي القيوم! بالتأكيد مهما تأتهم من أدلة يأتونك باعتذارات، وذلك لتمرير أباطيلهم التي يؤمنون بها على أنها حقائق تماما كما يفعل بعض أهل العلم من المسلمين الذين يحاولون التوفيق بين القرآن والمرويات حتى لو كانت تلك المرويات موضوعة أو مكذوبة، والعقل البشري بإمكانه الربط بأشياء كثيرة حتى إن كانت خاطئة ثمّ الإيمان بها. والتاريخ شاهد على مثل ذلك، فلهذا لن يصلح أن أقول لك عزيزي القارئ: لماذا لا نرى الخسوف على الزهرة أو عطارد، فإن ردّهم سيكون لأن ليس لها أقمار كقمرنا حتى لو أنّ لها أقمارا فإن طبيعتها ستكون مختلفة عن طبيعة قمرنا وإن كانت الطبيعة واحدة فالمسافة مختلفة حتى لو كانت المسافة واحدة، فإن بصرنا قاصر، وهكذا :(لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ) أي شيء إلا والإيمان بالشيء السهل الذي يفهمه الإنسان العامي والإنسان العالم. يُحبون الإيمان فقط بما يُؤمن به العلماء، طبعا العلماء الذين يعتبرون عندهم علماء، أما العلماء المخالفون لهم فتُنزع منهم الألقاب والأسماء. والله المستعان.


حديثا عن ظلّ الأرض على القمر، ما بال الظلّ أصغر من القمر والبعد بين الأرض و القمر معروف عند المجتمع العلمي، أليس من المُفترض أنّ يتوسع الظلّ ويكبر بالابتعاد ويصغر بالاقتراب؟ وبما أنّ بعد القمر عن الأرض حوالي ٣٨٥ كيلومتر، وبُعد القمر عن الشمس حوالي ١٤٧ مليون كيلومتر، وبُعد الشمس عن الأرض حوالي ١٥٠ مليون كيلومتر فكيف تستقيم هذه الأبعاد مع الظلّ المزعوم على القمر؟ وإن كان ظلّ الأرض المنعكس على صفحة القمر فلماذا الظلّ له ألوان مختلفة، وكذلك القمر، ومعروف لنا جميعا ما هو لون الظل!  


أيضا لماذا يشاهد الناس عبر التاريخ بعض الأحيان الكسوف بالرغم من مشاهدتهم الشمس والقمر في الأفق؟ وإن أنت أخذت بنموذج الأرض الكروية ثمّ عرفت أنّ سكان دول تقع في أطراف متباعدة يرون نفس الشيء فكيف يحدث ذلك؟ فإن كان السبب هو ظلّ الأرض فلماذا لا نرى الخسوف عندما يتوسط القمر الأرض في وسط السماء؟ وأين وسط الأرض و وسط السماء في منظورهم أصلا؟ والله أمر عجيب توبيخ بعض الحداثيين مقلدي أهل الإسلام وتحقيرهم ثمّ لا يوبخون أنفسهم ويستحقرونها بتقليدهم لأشياء لم يقم عليها دليل عقلي ثابت غير مختلف عليه ولا نقلي واحد ثابت. على أية حال، في فصل الجاذبية ستكتشف أنّ ظاهرة خسوف القمر تهدم نظرياتهم.


إبنيزير بريش الذي عاش في أواخر القرن التاسع عشر و الذي وقف في وجه علم الفلك الحديث، قام بتأليف بعض الكُتيبات يردّ على النظريات العلمية الحديثة، قال في سقوط علم الفلك الحديث: قُدّر قطر القمر من قبل جويس بـ(٣٣٠٠) ميل ، وقطر الشمس بـ(٨٨٢) ألف ميل. كيف يمكن لقرص يبلغ طوله ٣٣٠٠ ميل فقط أن يحجب قرصًا بحجم الشمس على بعد ٩٥،٠٠٠،٠٠٠ ميل. مستحيل وعبثي. يجب أن يتحمل جسمان يكسفان بعضهما البعض نسبة ٨ إلى ٥ على الأقل. و قال أيضا: من المفترض أن خسوف القمر ناتج عن تدخل الأرض بين الشمس والقمر. يُحسب أن الأرض تسافر ١١٠٠ ميل في الدقيقة ؛ كم من الوقت تحتاج الأرض لتمر بين القمر و التي بنفسها تسافر بسرعة ١٨٠ ميلاً في الدقيقة؟ ليست أربع دقائق. لكن الخسوف الأخير للقمر في ٢٨ فبراير استمر أربع ساعات ونصف. لذلك لا يمكن أن تتدخل الأرض حيث كان كلا النجمين فوق الأفق عندما بدأ الكسوف ، ويمكن رؤية بقع القمر بوضوح من خلال الظل ؛ كما شوهد القمر بين النجوم. الملازم بيرس يتفق مع الكاتب بخصوص مسافة أقرب نجم أنه على مسافة ٥٠٠٠ ميل. كيف يمكن أن تكون قبعتك على بعد تريليونات الأميال عندما تكون على رأسك؟.


إن قلت إنّ العلماء اليوم يستطيعون التنبؤ بأوقات حصول الخسوف أقول إنهم كانوا يستطيعون ذلك حتى في الحضارات القديمة قبل الإسلام بل قبل ميلاد المسيح وتسمى دورة ساروس أوحتى بطريقة الجداول الفلكية (افامريس) التي بها تحدد قيمة قياس مميز للأجرام السماوية. كونهم يستطيعون بأجهزتهم اليوم لا يعني أن الناس القدامى لم يكونوا يستطيعون ذلك، ولا يعني بتاتا أنّ القائلين إنّ الأرض مسطّحة لا يستطيعون ذلك. كما أنّ الرجل إن كانت له يد اصطناعية يستطيع أن يصنع بها طعامه، كذلك الإنسان ذو يدين يستطيع أن يصنع طعامه، ولا يعني أبدا إن كانت اليد الاصطناعية من حديد ومن تقنية فيها قدرات أكثر من اليد الطبيعية فإنّ الإنسان ذو اليد الطبيعية لن يكون قادرا على صنع الطعام بنفسه! 


اليوم و الحمدلله، كلّ ما هم بحاجة إليه معرفة موقع الشمس وموقع القمر وبعض الحسابات الكمبيوترية وصناعة سيناريوهات وينتهي الأمر والأكواد أو الشفرات موجودة على الشبكة، ويمكن للمهتمين باستخدامها، وبالتالي توقع حدوث الخسوف سواء كان المبرمج معتنقا النموذج الكروي للأرض أو النموذج المسطح. أذكر أني قرأت في أحد الكتب للأسف لا يحضرني اسمه الآن، أنّ المنجمين أعطوا الاسكندر الأكبر جدولا فيه توقعاتهم للخسوف لألفين سنة قادمة. والله أعلم بصحة ذلك. الفكرة أن تَوقُّع الكسوف والخسوف قديم جدًّا قبل تَفَشّي نظرية الأرض الكروية بقرون.


أما الكسوف فلا فرق إن قلت الأرض كروية أو مسطّحة إن أنت اعتقدت أنّ الشمس والقمر تقريبا بنفس الحجم، وأنهما قريبان من الأرض، وأنهما أصغر حجما بكثير مما يقوله العلم الحديث، وبالتالي تيسّر شرح عملية كسوف الشمس على الأرض المسطّحة إن قلت إنّ الشمس والقمر (كلّ في فلك يسبحون) حركة دائرية، وبسبب القمر يحصل الكسوف. ويمكن أن يُقال إنهما جسمان شفافان، فعندما يكونان في مرمى واحد فالناس يبصرون الكسوف، أو يمكن أن يقال إنهما يتحركان في أفلاكهما، وعندما يحدث اقتران بينهما يحدث الكسوف. 


هناك عدة إجابات مثيرة تدفع الإنسان للبحث، وقد تنطبق على كلّ من الأرض المسطّحة أو الكروية، لكن هل هناك عندي أمر قطعي، في الحقيقة وأكون صادقا معكم ومع نفسي ليس بعد. وذلك أني لم أفكّ الغلق الذي عليّ، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى قال: (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) فبعض الفرضيات عن الكسوف في الأرض المسطّحة فيها أنّ الشمس تدرك القمر، وهذا ما يسبب إشكالا. لكن إن أخذت بالفرضية التي أقولها وهي أنّ الشمس في فلك، والقمر في فلك آخر، وعندما يكونان متوازيان في مرمى واحد تحدث ظاهرة الكسوف. 


كذلك إن أخذت بفكرة أنّ هناك أجراما وأجساما سماوية قد تكون شفافة أو غير شفافة غير مرئية هي التي تسبب ذلك، أو تقول إنّ الشمس والقمر أنوارهما أو مصدرهما في القبة السماوية والأجسام العاكسة لها هي التي نراها، فإن جاءت أجرام بين المصدر والعاكس قد تسبب ذلك 


وربما يُقال إنّ الكسوف من ذات الشمس، يعني الشمس لها خاصية الكسوف بنفسها من غير تدخل القمر، مثلا تقول إن الشمس عندما تضعف ضوؤها و تنكسف، يظهر لنا شكلها الحقيقي (أعني شكل الشمس الحقيقية) و التي قد تكون على هيئة الاسطوانة التي في وسطها فراغ أو الدونات (الكعكة المحلاة). تخيّل معي، تخيل اسطوانة الشمس الشديدة الإضاءة، لن تستطيع أن ترى الفراغ الذي في وسط الشمس بسبب عظيم ضوئها لكن عندما تنكسف و تضعف و تقل فإنك تراها على حقيقتها، فترى في وسطها مثل دائرة مظلمة و التي يحسبها الناس أنّها القمر و ما هي بالقمر إنما ظهور فراغ الشمس في الوسط. تماما كالكشافات القوية لا تعرف هيئت ناقلات الكشاف لشدة الضوء لكن إن أطفأتها رأيت هيئة الناقلات الضوئية بوضوع. 


هناك أفكار أخرى لكن أظنّه أنه سيزيد من تعقيد الموضوع، باختصار ليس عندي تفسير أستطيع أن أجزم به حتى الآن و لا عيب في ذلك، ولعلك -عزيزي القارئ- إن استلهمت شيئا بعد قراءتك هذا الكتاب، ودرست الموضوع و وجدت الإجابة أتمنى أن تراسلني تخبرني بها، وأكون لك شاكرا. باختصار أنّ هناك عدة إجابات وأفكار، كلّها بحاجة إلى بحث في أدلتها التفصيلية، وهي متوفرة، وقد تكون في إحداها الإجابة، وكلّها تصلح و تستقيم مع نموذج الأرض المسطّحة. والحمد لله ربّ العالمين.


أخيرا أُسجّل ملاحظة أنّ ظاهرة القمر العملاق أو القمر الخارق تسبب قلقا عند المؤمنين بنموذج الأرض الكروية أو قانون الجاذبية. فلماذا عندما تحدث ظاهرة القمر العملاق، و تقترب من الأرض ليس هناك تغيرات ملحوظة على الأرض والمد والجزر، وما إلى ذلك؟ وما الذي جعل القمر يقترب منا؟ هل الجاذبية ثابتة أو أنها مزاجية؟ وماذا عن ابتعادها بعد اقترابها؟ ما الذي أعاد إلى القمر قوتها لمقاومة جاذبية الأرض، فتبتعد عنها لتصير الشكل المعتاد؟ أمر غريب. صحيح أنّ عامة الناس يربطون الكوارث والمصائب بظاهرة القمر العملاق أو القمر الخارق، لكن حتى علماء المجتمعات العلمية المعاصرة ينكرون ذلك، ويعتبرون هذه الأشياء من العلم المزيف و الحمدلله. 



عبدالعزيز النظري

تويتر

انستغرام


القمر

 


ماذا عن القمر؟ يقولون: إنّ الكواكب التي في السماء والشمس والقمر كلّها مكورة؟ السؤال الذي ينبغي أن يُطرح حينها: لماذا نرى وجها واحدا للقمر؟ أقصد نرى ظهره، ولا نرى باطنه، أو نرى وجهه المطلّ علينا. فإن كان القمر كرويا ويدور حول محوره ويدور حول الأرض فلماذا منذ أن وجدت البشرية حتى اليوم ليس هناك من رأى الجهة الأخرى من القمر إلا عبر صور الفضاء المفبركة والأفلام السينمائية؟ يبدو هذا غريبا، لكن لأنّ هذا السؤال مورّط، ويهدّ سقف نظرياتهم على رؤوسهم جاؤوا بفكرة "الدوران المتوازن". 


و معنى الدوران المتوازن أنّ القمر يدور حول الأرض بنفس السرعة التي يدور حول محورها، فبالتالي لا يمكن للذين يعيشون على وجه الأرض إلا أن يروا جانبا واحدا للقمر. سبحان الله! ليس ذلك على الله بعزيز، لكن هل هذا حقًّا هو ما يحدث؟ أو أنّ القمر منير، وقد يكون قرصا دائريًّا غير كروي يجري في فلك دائري، فيظهر لنا جانبا واحدا منه؟ وإن أنت فهمت مسألة القرص المنير لا الكرة المنيرة فستفهم لماذا في القطب الشمالي ينظرون إلى وجه القمر، وفي القطب الجنوبي في نفس الوقت ينظرون إلى وجه القمر لكن معكوسا! تأمّل الاثنان ينظران إلى وجه القمر، وليس أحدهم ينظر وجه القمر، والآخر بطن أو ظهر القمر. 


اختبر ذلك بنفسك، امسك بيدك ربع درهم إماراتي، وانظر إلى رسم الغزال المضروب عليه وحرّكه وكأنه يدور في فلك فوق ورقة، وارسم بعض النقاط على الورقة على أنها بشر، ستكتشف أنّ جميع البشر لا يستطيعون النظر إلى ظهر الربع إنما فقط صورة الغزال، لكن بعضهم في جانب من الأرض ينظرون نصف غزال، والذين في الجانب الآخر ينظرون إلى النصف الآخر من الغزال، وليس باستطاعة أيّ منهم أن ينظر إلى الطرف الآخر من الربع والمكتوب عليه ٢٥ فلسا. و أظن أن أكثرنا مرّ على تلك الصورة الكرتونية المُصوّرة لرجلين يشيران على عدد في الأرض 6 بالإنجليزية، فالذي يقرأ من جانب مُصرّ على أن العدد هو 6 و الإنسان الذي في الجهة المعاكسة له مصرّ أن المكتوب العدد 9 باللغة الإنجليزية، اختلفت اجابتهم لأنهم ينظرون إلى العدد من منظور مختلف. فأحدهم يرى الدائرة في 6 مقلوبة فيقرأها 6 و الآخر لا يراها مقلوبة فيقول إن العدد هو 9 و هذا الذي يحدث مع القمر و ليس لرؤية القمر مقلوبا علاقة بكون الأرض كروية.


هناك معلومة أخرى أحسب أنه من المهمّ أن تعرفها وهي أنّ نور القمر ليس انعكاسا لنور الشمس، بل إنه منير بذاته بفضل من الله العزيز الوهاب، وهذا ما يدلّ عليه ظاهر القرآن. قال الله عزّ وجلّ في سورة الفرقان: (تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً) تأمّل قال منيرا، ومنيرا اسم فاعل وليس مفعول، فالقمر منير بذاته وهو الفاعل بإذن من الله الكريم. وتأمّل أنّ خالق السماوات و الأرض في جميع المواضع المذكورة فيها نور القمر أو ضياء الشمس لا يستخدم نفس الكلمة، يعني إن ذكر الشمس قال سراجا أو ضياء، ولن تجد في القرآن أنّ الشمس منير، اقرأ معي ما ذكرته قبل قليل: (وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً) و في سورة يونس: (هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً) و في سورة نوح: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) و في سورة النبأ: (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً) فهذا يدلّ أنّ طبيعة ضياء الشمس مختلفة عن طبيعة نور القمر وهذا واضح حسيا أيضا، ألا تلاحظ الفرق العظيم بينهما؟


العجيب في الأمر أنّ بعض النصارى وغيرهم ممن يقصدون الإساءة إلى الإسلام اختاروا هذه الآيات المذكورة فيها نور القمر على أساس أنها تخالف العلم الحديث، إذ فيها اثبات أنّ نور القمر ليس انعكاس الشمس، ثمّ للأسف ردّ عليهم بعض المسلمين بأن زعمهم خاطئ، وأرادوا بذلك إثبات أنّ القمر يعكس ضوء الشمس، والله المستعان، كلا الطرفين وقعا في نفس مشكلة الأرض المسطّحة. شانئ الإسلام قرأ قراءة صحيحة بنية سيئة خبيثة، والآخر قرأ قراءة خاطئة بنية طيبة، والهدى عادة فيما شهدتُ يكون من نصيب من له نية طيبة، وله قابلية أن يقرأ قراءة صحيحة. 


في واقع الأمر القرآن يثبت أنّ القمر منير، والكتاب المقدّس كذلك يثبت أنّ نور القمر ذاتي وليس انعكاس ضوء الشمس.


نجد في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي في الإصحاح السادس النصّ الثاني عشر: "ونظرت لما فتح الختم السادس، وإذا زلزلة عظيمة حدثت، والشمس صارت سوداء كمسح من شعر، والقمر صار كالدم". فإن صارت الشمس سوداء وإن كان القمر انعكاسا لضوئها فلماذا صار القمر كالدم بينما الشمس سوداء؟ طبعا الردّ البسيط الذي سيتعذّر به المتعذرون أنّ هذا في المستقبل وأيّ شيء ممكن، وهذا أسلوب يستخدمه كثيرون ممن لا يملكون إجابات كافية، ولا يعني بالضرورة تخطئتهم فهي أفضل استراتيجية أن أُحيل الإجابة إلى الغيب والغيبات والربّ سبحانه وتعالى. لا بأس، ماذا سيقولون عن النصّ التالي في نفس السفر في الإصحاح الحادي والعشرين: النصّ الثالث والعشرون: "والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها، لأن مجد الله قد أنارها، والخروف سراجها" وفي سفر إشعياء الإصحاح الستون النصّ التاسع عشر: "لا تكون لك بعد الشمس نورا في النهار، ولا القمر ينير لك مضيئا، بل الرب يكون لك نورا أبديا وإلهك زينتك.


و في إنجيل متى الإصحاح الرابع و العشرين، نجد في النص التاسع و العشرين هذا: وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. موضع الشاهد (و القمر لا يعطي ضوءه) مما يثبت أن للقمر ضوء خاص، طبعا الترجمة العربية ليست جيدة، إن قرأتها بالإنجليزية تجد في هذا النص صراحة أن للقمر نوره الخاص.


Matthew 24:29: “Immediately after the tribulation of those days the sun will be darkened, and the moon will not give its light, and the stars will fall from heaven, and the powers of the heavens will be shaken“


لا أدري من أين جاء المسلمون المعاصرون أنّ النور يعني الانعكاس، يظهر لي أنهم خلطوا بين ما قاله المفسرون بأنه عَرَض وبين عاكس، و حتى إن وجد (أعني من المفسرين من قال ذلك) لماذا تمّ التسليم لهم من دون البقية؟ كيف ذلك وليس بين أيدينا في معاجم اللغة ما يثبت ذلك؟ ومن أين لكم أنّ القمر مُعتم بذاته، والله عز و جل يقول عنه (منيرا) و(القمر نورا)؟ فإن أصروا أنّ من معاني النور انعكاس الضوء فما هم فاعلون بهذه الآية العظيمة من القرآن الكريم والتي تردّ عليهم ولا يُعلى عليها: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَى نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فالله سبحانه و تعالى مصدر النور حاشاه أن يكون انعكاسا لشيء وتعالى الله عن ذلك وتبارك من قال: (وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا).


أخذا بظاهر معاني آيات القرآن وتوافقا مع الحسّ، لن تجد من يقول: إنّ ظاهر معاني الآيات يدلّ على أنّ القمر يعكس نور الشمس، بل إن ابن كثير -رحمه الله- قال عند تفسيره لآية سورة الفرقان: "أي مشرقاً مضيئاً بنور آخر ونوع وفن آخر من غير نور الشمس". أما المعاصرون فلأنهم تأثروا بمخرجات المجتمع العلمي، قاموا بصرف معاني الآيات عن ظاهرها لتتوافق مع تلك المخرجات، والله المستعان. 


هل تساءلت يوما كيف للجسم الكروي مثل القمر أن يكون عاكسا؟ أعني كيف للقمر نفسه أن يكون جسما كرويا و في نفس الوقت عاكسا لضوء الشمس!؟ ما تعلمناه أنا و أنت أن العواكس مُسطحة أو مقعرة في أسوء الأحوال لتكون للأشعة الضوئية زاوية سقوط. 


أنا و أنت و الناس شاهدوا البدر عشرات المرات، السؤال الذي ينبغي أن نطرحه عزيزي القارئ، إن كان القمر كرويا و عاكسا لضوء الشمس كيف يكون القمر منيرا بشكل كامل و متساوٍ على سطحه و في نفس الوقت نرى تفاصيل القمر؟ لا يمكن أن يحدث هذا على كرة خاصة إن كان مصدر الضوء واحدا. يجب أن تكون هناك بقعة مشرقة متوهجة على المنطقة الأقرب للضوء مع تلاشي ملحوظ حول المحيط و تلاشي التفاصيل، بسبب زاوية السطح، أليس كذلك؟ جرّب ذلك بنفسك مع الكرة حتما ستلاحظ هذا. يجب أن تختفي التفاصيل الموجودة على المنحنى الأقرب للضوء بواسطة الضوء القوي الذي ينير الكرة بشكل متساوٍ، أليس كذلك؟ كون القمر عندما يكون بدرا منير بشكل موحد و متساوٍ مع حفاظها على التفاصيل تشير بقوة إلى أن القمر منير بذاته و أنه لا يعكس ضوء الشمس. إن زرت يوما محلّات الأثاث و الزينة، لوجدت إنارات مُصممة على شكل القمر، ستلاحظ أن شكل هذه الإنارات تُحاكي شكل القمر عندما يكون بدرا مع ظهور التفاصيل الدقيقة، و ذلك لأن مصدر النور في داخل القطعة، قارن قطعة الأثاث المذكورة مع مجسّم على شكل قمّر تُسلّط عليه الضوء، ستلاحظ الفرق مباشرة.


لنفترض تنزّلا مع منطق المُعارض و نقول إن القمر جسم كروي و هو عاكس لأشعة الشمس فلماذا نجد هذه الألوان المختلفة للقمر على مدار السنة؟ كذلك لماذا الجسم الذي يكون تحت الظلّ يكون أكثر حرارة من الجسم المتعرض لنور القمر؟ لو أنّ القمر يعكس أشعة الشمس كان من المفترض أن يتأثر الجسم، لكن الواقع غير ذلك. و ليس عندهم إجابة، لكن سأسعفهم بإجابة من عندي إذ يُمكن أن يُقال: إنّ الظلّ الذي يغطّي الجسم هو سبب الحرارة إذ أنّ الجسم ليس باستطاعته أن يبعث الحرارة المخزونة فيه في الهواء الطلق، أو المساحة الكبيرة، وبالتالي تزيد حرارته، لكن هذه الإجابة غير مرضية، على الأقل بالنسبة لي، وذلك أننا منذ أن كنا صغارا ونمسك بمرآة، ثم نعكس أشعة الشمس و نركّزها على نقطة، كنا نرى التأثير المباشر من زيادة السخونة، و هذا لا يحدث مع القمر. 


وفي هذا الصدد يحسن بي أن أنقل مجددا لغاية في نفسي كلام الشيخ محمد أمين الشنقيطي صاحب تفسير أضواء البيان.


قال الشنقيطي: "وقد قدمنا في سورة الحجر أن ظاهر القرآن أن القمر في السماء المبنية لا السماء التي هي مطلق ما علاك، لأن الله بين في سورة الحجر، أن السماء التي جعل فيها البروج هي المحفوظة، والمحفوظة هي المبنية في قوله تعالى: (وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات: ٤٧] وقوله: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً) [النبأ: ١٢] وليست مطلق ما علاك، والبيان المذكور في سورة الحجر في قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ) [الحجر: ١٦-١٧] الآية. فآية الحجر هذه دالة على أنّ ذات البروج هي المبنية، المحفوظة لا مطلق ما علاك. وإذا علمت ذلك فاعلم أنه جلّ وعلا في آية الفرقان هذه، بين أنّ القمر في السماء التي جعل فيها البروج، لأنه قال هنا: (تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً) وذلك دليل على أنها ليست مطلق ما علاك، وهذا الظاهر لا ينبغي للمسلم العدول عنه إلا بدليل يجب الرجوع إليه، مما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم. وعلى كلّ حال لا يجوز لأحد ترك ظاهر القرآن العظيم إلا لدليل مقنع يجب الرجوع إليه كما هو معلوم في محله. ولا شكّ أنّ الذين يحاولون الصعود إلى القمر بآلاتهم، ويزعمون أنهم نزلوا على سطحه سينتهي أمرهم إلى ظهور حقارتهم، وضعفهم، وعجزهم، وذلهم أمام قدرة خالق السماوات والأرض جلّ وعلا. وقد قدمنا في سورة الحجر أنّ ذلك يدلّ عليه قوله تعالى: (أَمْ لَهُم مٌّلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأَسْبَابِ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأَحَزَابِ) [ص: ١٠-١١]. 


في منظوري الشخصي، القمر أصغر حجما مما يقوله علماء العلم الحديث، وهو أقرب منا كذلك، وأحسب أنّ حجمه قريب من حجم الشمس أو أصغر بقليل. وبالتأكيد كلّ ما ذكرت لا يتوافق مع نظرياتهم، وهذه الأفكار حتما ستشكل إرباكا كبيرا في المنظومة والرؤيا الكلية التي عندهم بشأن الكون. 


يقولون إن القمر يبعد عنا بحوالي ٣٨٤،٤٠٠ كم و لكن هذا غير صحيح. أظنّك قد سمعت عن عدسات كاميرات نيكون و قد رأيت مثلي صورا عديدة مقرّبة للقمر باستخدام كاميرات نيكون. السؤال الذي أحب أن أطرحه، إن كانت هذه الكاميرات ليست قوية بما يكفي و لنفترض تنزّلا مع المُعارض أنها تصل لـ٥٠٠٠ كم لوضوح التفاصيل بسبب حجم فتحة العدسة (هي في الواقع لا تتجاوز ٣٠٠٠ كم لكن إعطاء فرصة للمعارض فإني أفترض أنها تصل لـ٥٠٠٠ كم) كيف إذن ترى عدسات نيكون هذا الوضوح العجيب لتفاصيل القمر أو ما يُسمى بحفر القمر؟ هناك مئات الصور المقربة لتفاصيل القمر يصوّرها الهواء و المحترفين باستخدام كاميرات نيكون وهي معروضة تُظهر التفاصيل بدقة و كأنها في متناول اليد. فكيف يستقيم هذا و هم يقولون إن القمر يبعد عنا ٣٨٤،٤٠٠ كم؟ إن كان هذا صحيح فمستحيل أن تستطيع عدسات نيكون تصوير هذه التفاصيل بهذه الجودة و الدقة فإن بعد المسافة يتجاوز بكثير قدرة هذه الكاميرات على رؤيته و هذا لا يمكن انكار هذا إنسان له بقية من عقل.


فإن تساءلت، ومن حقك أن تتساءل: ما بال أشكال القمر المختلفة أو الأهلة إن كان القمر لا يعكس ضوء الشمس ومنيرا بذاته بإذن الله؟ الجواب بالنسبة لي واضح في القرآن الكريم وهو: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) قال الطبري: "وآية لهم، تقديرنا القمر منازل للنقصان بعد تناهيه وتمامه واستوائه، حتى عاد كالعرجون القديم؛ والعرجون: من العذق من الموضع النابت في النخلة إلى موضع الشماريخ؛ وإنما شبهه جل ثناؤه بالعرجون القديم، والقديم هو اليابس، لأن ذلك من العِذْق، لا يكاد يوجد إلا متقوّسًا منحنيًا إذا قدم ويبس، ولا يكاد أن يُصاب مستويًا معتدلا كأغصان سائر الأشجار وفروعها، فكذلك القمرُ إذا كان في آخر الشهر قبل استسراره، صار في انحنائه وتقوّسه نظير ذلك العرجون".


قال القرطبي وكثيرون غيره: "والمنازل ثمانية وعشرون منزلا، ينزل القمر كل ليلة منها بمنزل، وهي : الشرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع. النثرة، الطرف، الجبهة، الخراتان، الصرفة، العواء، السماك، الغفر، الزبانيان، الإكليل، القلب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، الفرغ المقدم، الفرغ المؤجر، بطن الحوت. فإذا صار القمر في آخرها عاد إلى أولها، فيقطع الفلك في ثمان وعشرين ليلة، ثم يستسر ثم يطلع هلالا، فيعود في قطع الفلك على المنازل، وهي منقسمة على البروج، لكل برج منزلان وثلث. فللحمل الشرطان والبطين وثلث الثريا، وللثور ثلثا الثريا والدبران وثلثا الهقعة، ثم كذلك إلى سائرها". 


فنزول القمر هذه المنازل هو الذي يغير مما يظهر لنا من هيئتها. فإن أخذنا في السماء منازل حقيقية للقمر، إن نزل فيها القمر تغير ما يظهر لنا من هيئته. وأبسط مثال لذلك، هل ذهبت إلى الملاهي يوما أو اصطحبت الأطفال، ودخلت غرفة فيها عدد لا بأس بها من المناظير أو المرآة؟ أحيانا تكون أمام مرآة فتنظر إلى انعكاس صورتك، فإذا قد كبرت أو تقلصت أو ازداد طولك أو نقص أو تقعّر وجهك أو انتفخ جزء من بدنك دون جزء. شبيه بذلك برأيي ما يحدث للقمر، فإن للقمر منازل ما إن ينزل عند أحد المنازل ضيفا تغير ما يظهر لنا من شكل القمر كالفلاتر الحديثة على أجهزة الهاتف المتحرك بشتى تطبيقاتها.


كنت أقرأ في بعض ما كتبته الباحثة الفرنسية غابريل هينريت بالتحديد ورقتها عن السماوات و الأرض، قدّمت فيها رأيا أراه مثيرا للاهتمام، تقول فيه: القمر هو ظاهرة بلازما بواسطة الأشعة الكهرومغناطيسية المركزة. يتم إنشاؤها من مصدر أشعة كهرومغناطيسية ذات ضوء عميق كبير، وتمر عبر مستوى الماء من أسفل وتنعكس على الجانب الداخلي للقبة. تعكس القبة هذه الأشعة عموديًا لكل ما تصطدم به سطح الأشعة وتضع نقطة تركيز في المستويات العالية من الأيونوسفير. صورة القمر مثل الأشعة السينية للأرض المسطحة. الانتقال بمصدر الأشعة ، القبة - الفتحة ، التي تفتح وتغلق بجانب مستوى الماء ومصدر الأشعة الكهرومغناطيسية من الأسفل هو سبب مراحل القمر


و أذكر مرة و أنا أبحث على الشبكة عن نظريات علماء الغرب عن القمر، فوقعت على مقابلة أخبار إي بي سي ABC News  مع عالم يلفه الغموض يُسمى البروفيسور أر فوستر R. Foster و يمكنك مشاهدة المقابلة بنفسك فهي معروضة في عدد من المواقع. يدّعي فيها البروفيسور بكل ثقة أن القمر ليس بجسم صلب إنما هو عبارة عن بلازما. يدعي أن أي محاولات للهبوط على سطح القمر لن تكون ممكنة. بحثت عن هذا أبحاث البروفيسور لأيام لكن كما قلت لك يلفه الغموض، إذ لا توجد معلومات كافية عنه، و هذا ما جعلني أقول في نفسي إنسان يزعم أن له أبحاث و يبدو أنّه كان مشهورا أيامه، لماذا لا توجد معلومات عنه؟ هل يمكن أنه تم إخفاؤها؟ لا أريد أن أتحدّث عن المؤامرات في هذا المقال و لعلي أفعل ذلك في مقال مخصص لذلك. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



عبدالعزيز النظري

تويتر

انستغرام

كلمات عن الشمس - ٢

 يقولون إن الشمس عبارة عن نجمة، و لكن إن أنت بحثت في القرآن من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس، و إن قلّبت جميع كتب الحديث، و بحثت في الأحاديث الصحيحة و الضعيفة، و حتى تلك المرويات الموضوعة، فإنك لن تجد رواية واحدة فيها أن الشمس عبارة عن نجم. و لم أقع على رواية واحدة عن أحد من الصحابة أو التابعين فيها أن الشمس تُصنّف من النجوم. و لن تجد هذا حتما في التوراة، ولا في الأناجيل الموجودة اليوم بين أيدي الناس. أكثر الناس اليوم يُؤمنون بأن الشمس إحدى النجوم فقط لأنهم تناقلوا هذا عمن يُقال عنهم اليوم العلماء.


الغريب في الأمر يقولون إنّ الشمس تبعد حوالي مئة وخمسين مليون كيلومتر من الأرض، وإنّ الأرض تستمدّ حرارتها من الشمس، وإنّ الشمس عظيمة الحجم بإمكانها أن تحتوي على مليون و ثلاثمئة ألف أرض فيها، ثمّ تجد الحرارة التي في إفريقيا تختلف جذريا عن الحرارة في أنتارتيكا! وأنواع النباتات والمخلوقات تختلف في الجنوب والشمال والشرق والغرب! أليس هذا مضحكا مع أنّ المسافة بين القارتين أقصد القارة الشمالية والجنوبية ليست بذاك البعد حسب نموذجهم؟ 


إننا نجد أشعة الشمس لها خطوط في جميع الاتجاهات عندما يغطيها السحاب، إن كانت الشمس بحقّ بعيدة البعد المذكور في الأوساط العلمية فلماذا نرى أشعتها تنتشر وتكون مثلثة بالشكل المعروف عندما تكون خلف أو فوق السحُب؟ وإن كانت بهذا الحجم الضخم الذي قيل لنا يجب أن تكون أعمدة من أشعتها كفيلة أن تغطي الأرض كلها، فلماذا نجد أعمدة أشعة الشمس في كلّ الاتجاهات وكأنها جرم أصغر حجما بكثير من الأرض؟ 


حاول أن تقوم بتجربة، هات جسما و اثقبه ثلاثة أو أربعة ثقوب، واستخدم الكشاف في هاتفك المحمول، ولاحظ ما الذي يحدث عندما تقوم بتقريب كشّاف هاتفك من الفتحات؟ ستجد أنّ الأشعة تتكسر وتتباعد مشكلة مثل المثلث، في حين إن أبعدت كشّاف هاتفك فإنّ خطوط الأشعة تتقارب، وهذا يسير يمكن لأيّ إنسان أن يجربه. وكم رأينا منذ كنا صغارا حتى اليوم أنّ أشعة الشمس تتباعد، ولا تتقارب من بعضها مما يدلّ أنّ الشمس أقرب إلينا وأصغر حجما مما يقولون.


هل سألت نفسك وأنت في بيتك بالقرب من النافذة: لماذا وبشكل دائم عندما تكون النافذة ناحية شروق الشمس وطلعت الشمس تجد أشعتها على الأرضية دون السقف؟ لماذا يحدث ذلك حتى في البيوت المبنية على المرتفعات؟ لو أنّ الأرض تدور حول الشمس ألا ينبغي أن تختلف زاوية أشعة الشمس لو كانت الأرض كروية وتدور حول نفسها وتدور حول الشمس؟ خلال حياتي لم أعش يوما رأيت فيه أشعة الشمس تضرب سقف بيتي مما يدلّ أنّ الشمس دائما فوقنا والأرض ثابتة.


عندي سؤال آخر: إن كانت حركة الأرض حول محورها بنفس السرعة في كلّ يوم، وكذلك حركتها حول الشمس، إذن لماذا أحيانا نجد الأيام تطول، وفي أحيان أخرى نجدها تقصر، وكذلك الليالي؟ لماذا توقيت شروق الشمس يختلف مع مرور الأيام، كذلك غروبها؟ فإن قالوا لاختلاف دوران الأرض حول محورها يحقّ لي أن أسأل: لماذا هذا الاختلاف المنتظم مرة كذا، ومرة كذا عبر التاريخ؟


ربما تتساءل لماذا في الصيف في بعض المناطق، عندما تشرق الشمس فإن أشعتها تشرق قمم الجبال، ألا تدل هذه الظاهرة على كروية الأرض؟ في الحقيقة هي ليست دليل للأرض الكروية لأن هذه الظاهرة ممكنة حتى على نموذج الأرض المسطحة. و ذلك لأن في العادة الذين يسألون هذا السؤال لا يُفكّرون في الأمور المُؤثرة على ذلك. الإجابة سهلة و هي لأن في الجو هناك عدة عوامل تؤثر على وصول أشعة الشمس لمدى أبعد، و إن اعتبرت عامل الانعكاس و الانكسار و حيود الضوء و كثافة الجو لعرفت الإجابة بنفسك. عندما تُشرق أشعة الشمس قمم الجبال، كلّ ما في الأمر أنّ أشعتها تصل لمدى أبعد و إن كانت بعيدة بسبب الكثافة في الجو لم يُعق من وصول أشعتها. و هذا أيضا يُفسّر السبب الذي من أجله تكون رؤيتنا محدودة و نحن جلوس غير أننا نطاق الرؤية تتوسع و تكبر إن وقفنا. جرّب، ما أقصى نقطة يمكنك أن تراه و أنت واقف الآن إن لم يكن هناك حاجز يمنعك من الرؤيا؟ قارن أقصى نقطة ثم اصعد فوق سطح بيتك، ستلاحظ أن أقصى نقطة أبعد مما كنت تراه قبل صعودك سطح بيتك. و إن أنت صعدت قمة جبل ما ستلاحظ أنّك تستطيع أن ترى أبعد مقارنة بأقصى نقطة كنت تسطيع تراها و أنت فوق سطح بيتك و هكذا و السبب العوامل المؤثرة في الجو. وأيضًا لأنه كلما صعدت كلما زادت مساحة الأرض التي يمكنك رؤيتها من أجل ارتفاع خط الأفق إلى مستوى العين أو النظر و هذا في الحقيقة من أدلة الأرض المسطحة فضلا أن تكون دليلا للنموذج الكروي للأرض لكن نحن بحاجة إلى تفكير منطقي و فهم لطريقة عمل العوامل المؤثرة.


يقولون إن الشمس مكونة من الهيدروجين و الهيليوم و عناصر متضمنة مثل الأكسجين والكربون والنيون والحديد وعناصر أخرى لا أفهم كيف وصلت هذه العناصر إلى الشمس ولا أدري كيف هي تعمل في الفضاء؟ و لا أدري كيف يتحرّك الضوء في الفضاء؟ و لا أفهم على مر مليارات السنين لم يتغير حجم الشمس؟ و هل الشمس عند بداية نشأة الأرض كانت بنفس القوة و الحجم اليوم أم ماذا؟ إن قالوا نعم هم يخالفون منظومتهم الشمسية، و إن قالوا لا سيقعون في ورطة مع علماء الجيولوجيا الذين تكلموا في نشأة الأرض و أن الحرارة عند بداية النشأة إلى اليوم نفس الشيء.


 ولا أكاد أستوعب أن الشمس المسؤولة عن نهار الأرض لا تضيء ما حول الأرض في صورهم هم؟ و ما سر إضاءة الشمس؟ هل مصدرها الانفجارات التي لا نرى منها شيئا حتى باستخدام العدسات المكبرة المزوّدة بفلاتر الشمس!؟ أم أ سبب الإضاءة أمر آخر؟ نعم أعرف أن عندهم إجابات لكل أسئلتي، و قد قرأتها بنفسي إلا أني أكون ظالما لنفسي إن اقتنعت بها إذ أن في كلامهم الكثير من التعارض الذي أعجز عن حصره في هذا المقال المتواضع و هناك أمور منطقية في كلامهم و أمور كثيرة غير منطقية يعرفه كل من يقرأ اجاباتهم قراءة واعية له خلفية عن الكونيات.



عبدالعزيز النظري

تويتر

انستغرام


كلمات عن الشمس

 أولا مسألة حركة الشمس و بدلا من تكرار ما قد قيل من قبل واختصارا للوقت والجهد يحسن بي أن أنقل رأي الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- فعنده إجابة جميلة أنقل منها المواضع التي لها علاقة بالشمس.


 قال الشيخ ابن عثيمين: "أما رأينا حول دوران الشمس على الأرض الذي يحصل به تعاقب الليل والنهار، فإننا مستمسكون بظاهر الكتاب والسنة من أن الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار، حتى يقوم دليل قطعي يكون لنا حجة بصرف ظاهر الكتاب والسنة إليه - وأنى ذلك - فالواجب على المؤمن أن يستمسك بظاهر القرآن الكريم والسنة في هذه الأمور وغيرها. ومن الأدلة على أن الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار، قوله تعالى: (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال). فهذه أربعة أفعال أسندت إلى الشمس (طلعت)، ( تزاور)، (غربت)، (تقرضهم ). ولو كان تعاقب الليل والنهار بدوران الأرض لقال: وترى الشمس إذا تبين سطح الأرض إليها تزاور كهفهم عنها أو نحو ذلك، وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال لأبي ذر حين غربت الشمس: " أتدري أين تذهب؟" فقال: الله ورسوله أعلم. قال: " فإنها تذهب وتسجد تحت العرش وتستأذن فيؤذن لها، وإنها تستأذن فلا يؤذن لها ويقال : ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها. ففي هذا إسناد الذهاب والرجوع والطلوع إليها وهو ظاهر في أن الليل والنهار يكون بدوران الشمس على الأرض".     


أما ما ذكره علماء الفلك العصريون فإنه لم يصل عندنا إلى حدّ اليقين، فلا ندع من أجله ظاهر كتاب ربّنا وسنة نبينا. ونقول لمن أسند إليه تدريس مادة الجغرافيا: يبين للطلبة أنّ القرآن الكريم والسنة كلاهما يدلّ بظاهره على أن تعاقب الليل والنهار يكون بدوران الشمس على الأرض لا بالعكس.     


فإذا قال الطالب: أيهما نأخذ به أظاهر الكتاب والسنة أم ما يدعيه هؤلاء الذين يزعمون أنّ هذه من الأمور اليقينيات؟  فجوابه: نأخذ بظاهر الكتاب والسنة، لأنّ القرآن الكريم كلام الله تعالى الذي هو خالق الكون كله، والعالم بكلّ ما فيه من أعيان وأحوال، وحركة وسكون، وكلامه تعالى أصدق الكلام وأبينه، وهو سبحانه أنزل الكتاب تبياناً لكلّ شيء، وأخبر سبحانه أنه يبين لعباده لئلا يضلوا، أما السنة فهي كلام رسول ربّ العالمين، وهو أعلم الخلق بأحكام ربه وأفعاله، ولا ينطق بمثل هذه الأمور إلا بوحي من الله عزّ وجلّ، لأنه لا مجال لتلقيها من غير الوحي، وفي ظني -والله أعلم- أنه سيجيء الوقت الذي تتحطم فيه فكرة علماء الفلك العصريين كما تحطمت فكرة داروين حول نشأة الإنسان.     


و في مجموع فتاويه سُئل الشيخ ابن عثيمين عن دوران الشمس حول الأرض؟


فأجاب بقوله: ظاهر الأدلة الشرعية تثبت أنّ الشمس هي التي تدور على الأرض، وبدورتها يحصل تعاقب الليل والنهار على سطح الأرض، وليس لنا أن نتجاوز ظاهر هذه الأدلة إلا بدليل أقوى من ذلك يسوغ لنا تأويلها عن ظاهرها. ومن الأدلة على أنّ الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار ما يلي:     


  1. قال الله تعالى عن إبراهيم في محاجته لمن حاجه في ربه : (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب). فكون الشمس يؤتى بها من المشرق دليل ظاهر على أنها التي تدور على الأرض.     
  2. وقال أيضاً عن إبراهيم : (فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال : يا قوم إني بريء مما تشركون) فجعل الأفول من الشمس لا عنها ولو كانت الأرض التي تدور لقال : "فلما أفل عنها".
  3. قال تعالى : (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال). فجعل الازورار والقرض من الشمس وهو دليل على أنّ الحركة منها ولو كانت من الأرض لقال :يزاور كهفهم عنها، كما أن إضافة الطلوع والغروب إلى الشمس يدلّ على أنها هي التي تدور وإن كانت دلالتها أقل من دلالة قوله: (تزاور)، (تقرضهم).
  4. وقال تعالى : (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يدورون في فلكة كفلكة المغزل. اشتهر ذلك عنه. 
  5. وقال تعالى : (يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً). فجعل الليل طالباً للنهار، والطالب مندفع لاحق، ومن المعلوم أنّ الليل والنهار تابعان للشمس.
  6. وقال تعالى: (خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار). فقوله: (يكور الليل على النهار) : أي يديره عليه ككور العمامة دليل على أنّ الدوران من الليل والنهار على الأرض، ولو كانت الأرض التي تدور عليهما لقال : "يكور الأرض على الليل والنهار". وفي قوله: (كل يجري لأجل مسمى) المبين لما سبقه دليل على أنّ الشمس والقمر يجريان جرياً حسيّاً مكانيّاً، لأنّ تسخير المتحرك بحركته أظهر من تسخير الثابت الذي لا يتحرك.
  7. وقال تعالى: (والشمس وضحاها (١) والقمر إذا تلاها) ومعنى (تلاها) أتى بعدها وهو دليل على سيرهما ودورانهما على الأرض، ولو كانت الأرض التي تدور عليهما لم يكن القمر تاليا للشمس بل كان تالياً لها أحياناً، وتالية له أحياناً، لأنّ الشمس أرفع منه، والاستدلال بهذه الآية يحتاج إلى تأمّل.
  8. وقال تعالى: (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم. لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون). فإضافة الجريان إلى الشمس وجعله تقديراً من ذي عزة وعلم يدلّ على أنه جريان حقيقي بتقدير بالغ، بحيث يترتب عليه اختلاف الليل والنهار والفصول، وتقدير القمر منازل يدلّ على تنقله فيها، ولو كانت الأرض التي تدور لكان تقدير المنازل لها من القمر لا للقمر. ونفي إدراك الشمس للقمر، وسبق الليل للنهار يدلّ على حركة اندفاع من الشمس والقمر والليل والنهار. 
  9. وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأبي ذر رضي الله عنه وقد غربت الشمس: "أتدري أين تذهب؟" قال : الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب فتسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها، فيوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها فيقال : : لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ". أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم متفق عليه فقوله: " ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها" ظاهر جدّا في أنها تدور على الأرض، وبدورانها يحصل الطلوع والغروب. 
  10. 10. الأحاديث الكثيرة في إضافة الطلوع والغروب والزوال إلى الشمس، فإنها ظاهرة في وقوع ذلك منها لا من الأرض عليها. 


ولعلّ هناك أدلة أخرى لم تحضرني الآن، لكن فيما ذكرت فتح باب وهو كاف فيما أقصد. والله الموفق." انتهى كلام الشيخ ابن عثيمين. 


كما ترى أدلته قوية جدًّا بحيث إني لا أرى ضرورة أن أزيد على ما قال، لكن أحبّ أن أضيف بعض الآيات التي فيها ذكر جريان الشمس والقمر تصلح للاستشهاد لما نحن فيه، أقصد في حركة الشمس، من تلك الأدلة قول الله عزّ وجلّ في سورة الرعد: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) وفي سورة لقمان: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وفي سورة فاطر: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) هذه الآيات الأربع إضافة إلى ما ذكره الشيخ ابن عثيمين سابقا، أعني الآية: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) والتي أخبرنا الله سبحانه وتعالى فيها أنّ الشمس تجري. كما ترى القرآن أخبرنا عن حركات الشمس في المقابل لا نجد كلمة واحدة تثبت حركة الأرض كما تصوّر ذلك القنوات العلمية الحديثة.


إضافة إلى ما سبق يُذكرنا الله عزّ وجلّ بنعمته علينا: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) ودائبين أي في حركة مستمرة، فالكلمة نفسها تدلّ على حركة الشمس. وهنا أريدك عزيزي القارئ أن تتأمل قوله سبحانه و تعالى (و سخر لكم) أي أنّ الله خلقها وجعلها تدور تسخيرا لنا فننتفع بها، فإن كانت الأرض نتيجة من نتائج الشمس، وأنها تدور حول الشمس، وأننا كذرة في هذا الكون وما إلى ذلك، كيف سَيَفْهم الناس قوله وسخّر لكم؟ نعم أستطيع أن أجد بعض الاعتذارات كالتي يتعذّر بها البعض وبعض التفاسير التي تُغيّر ظاهر المعنى إلى تفسير يتوافق مع العلم الحديث، لكن هل ما سأفعله سيتوافق مع المعنى المراد للآية؟


أيضا الآية: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) موضع الشاهد لدلوك الشمس، فسّرها المفسرون لغروبها. قاله ابن مسعود، ومجاهد، وابن زيد. وفي رواية عن ابن عباس  دلوكها تعني زوالها وهذا مروي كذلك عن ابن عمر و عن ابن مسعود أيضا ومجاهد في رواية أخرى. وهذا هو اختيار الحسن والضحاك وقتادة وابن جرير الطبري. على أية حال، أيّ تفسير أخذت، ستجد فيه اثبات أن للشمس حركة. وفي سورة طه: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) وفي سورة ق: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) الطلوع والغروب هذه الإضافات إلى من؟ إلى الشمس وذلك بسبب حركتها. 


أما أدلة حركة الشمس في السنة النبوية فهي أكثر من عشرة على الأقل بطرقها المختلفة، ولا داعي لذكرها، فالآيات و الحمدلله تكفي، كذلك أحبّ أن أضيف أنّ حركة الشمس وأدلة حركتها في الكتاب المقدّس بقسميه العهد القديم والعهد الجديد تزيد عن الخمسين نصًّا. بعد ما سبق، يَرِد السؤال: لماذا لم يذكر الله عز و جل شيئا عن تأثير الشمس على الأرض مما يقولونه اليوم؟ أعني من كونها تُؤثر على الأرض بسبب جاذبيتها، فتدور حولها الأرض. أقصد أنّ الله العليم الحكيم ذكر عن الحِكَم من وراء خلق النجوم والشهب التي ترصد الشياطين، كذلك القمر والشمس ذكر لنا الحكم من خلقها، منها لنعلم عدد السنين والحساب، لماذا لا نجد ولا حتى جزءا من آية أنها تجذب الأرض، أو تفعل كذا وكذا إنعاما للبشر؟


أستغرب من أولئك الذين يتحاكمون إلى حواسهم لإثبات المحسوسات ثمّ هم لا يتحاكمون إليها بالرغم من رؤيتهم أنّ الشمس هي التي تتحرك في البروج والمنازل، وتميل نحو الشمال تارة ونحو الجنوب تارة أخرى و مثلها القمر. ألا يشاهدون حجم الشمس بأعينهم؟ وكيف هي قريبة من حجم القمر وأنّ الأرض ثابتة وغيرها من الظواهر؟ الشمس حجمها أصغر من الأرض إذ هي مثل الضوء بالنسبة للبيت. في بيوتنا التي نعيش فيها، نحن لا نجعل الضوء الذي نستخدمه للإنارة أكبر من المكان الذي بحاجة إلى النور، ولا نضعه على مسافة أبعد مما هو ضروري فلا نستفيد منه؛ ولا نحمل الغرفة المُراد إنارتها حول مصدر الضوء إذ هذا بخلاف المنطق، بل نضع الضوء في الغرفة أو حول الغرفة و هكذا. كذلك الشمس، فهي مخلوقة مسخّرة بين السماء و الأرض، و بما أنّها كذلك لا يمكن منطقيا أن تكون أكبر من الأرض. كل شيء تشهده في الطبيعة يدل على علم خالقها و حكمته، و كل شيء فيها لها تفسير منطقي يفهمه العالم و غير العالم، لسنا بحاجة إلى تفسيرات معقّدة لنفهم أمور سهلة منطقية تفسّر الوضع الطبيعي للأشياء في هذه الطبيعة. كل إنسان غير مُعقّد أو يتّبع التفاسير المعقدة و اعتمادا فقط على الحواس، يستطيع أن يميّز أن كل ما بين السماء و الأرض أصغر من السماء و الأرض. الشمس، القمر، النجوم، السحاب هذه الأمور بالحواس و الفطرة يمكنك أن تقول أنّها أصغر من الأرض و السماء. لكن بسبب الإعلام الذي يدعم هذه النظريات عن طريق برامجها جعل الواحد منّا يتنكّر للحواس و المنطق و الفطرة. 


كثير من المُعارضين يستندون إلى دليل المنطق و الحواس، أستغرب منهما عندما لا يعتمدون على الحواس عندما يتعلق الأمر بمسألة شكل الأرض؟ لماذا يُصرون على معارضة حواسهم؟ هل فقط من أجل التسليم لما تفرزه الدوريات العلمية من إفرازات بشأن الأرض الكروية؟ فإن قالوا: لا نستطيع الثقة بها (أي بالحواس) في هذا المجال، أقول إن كانت كذلك وتوصلتم إلى نتيجة أنكم لا يمكنكم الثقة بها فكيف إذن تثقون بالنتيجة التي اخترتموها لأنفسكم من كونها غير موثوقة بها في هذا المجال؟ إن كانت غير ثقة فكيف آمنتم بأنها "غير ثقة"؟ دقق معي وفكر في الذي قُلتُه ستجد أن مقولتهم تشهد ضدهم. لا داعي للتنكّر للحواس، ولا داعي للتنكّر لعشرات النصوص المقدّسة من أجل مخرجات علمية لم يقم عليها دليل بل محض الظنون و الأوهام والله المستعان.



تتحرّك الشمس في فلكها الدائري حركة دائبة، هذه الحركة للشمس في هذه الحلقة أو الفلك هي في منظوري السبب في كثير من الأشياء و منها تسخين الأشياء على الأرض . بالتأكيد هناك حركات مختلفة أو بالأحرى انتقال الشمس من حلقة أو مدار إلى مدار آخر و التي تسبب التغير في المواسم لكن أظن أن كلامي مفهوم. ما أريدك أن تقوم به، أن تقوم بأخذ الخرائط التي فيها تفاصيل درجات حرارة البحار و المحيطات، ثم قم بإسقاط الخريطة إلى اسقاط سمتي متساوي البعد، ستلاحظ أن أحر مناطق البحر أو المياه تتطابق مع مدار الشمس الموسمي. قارن هذا بخريطة الأرض الكروية، ستلاحظ أن أحر المياه لا تتماشى مع ميلان الأرض المزعوم.


فإن قالوا: أين تذهب الشمس في نموذج الأرض المسطّحة عندما تغرب؟ والإجابة سهلة، كل ما عليك أن تُخبرهم أن الشمس أصغر حجما من الأرض، أصغر بكثير. وبُعدها عن الرائي تجعل الرائي ينظر إليها وكأنها تغيب تحت الأرض، وعندما تشرق في منظور الرائي فإنها تقترب، فيظهر له أنها تطلع وترتفع، وذلك بسبب الرؤية من زاوية معينة، وبسبب المنظور، وإلا فهي في حركة فوق الأرض المسطّحة بشكل مستمر، قال الله عزّ وجلّ: (وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ)


قال القرطبي في تفسيره للآية: (وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ) أي في إصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره، والدُّؤوب مرور الشيء في العمل على عادة جارية. وقيل: دائبين في السير امتثالاً لأمر الله، والمعنى يجريان إلى يوم القيامة لا يفتران؛ روي معناه عن ابن عباس. وقال ابن كثير: "أي يسيران، لا يفتران ليلاً ولا نهاراً". وقال الزمخشري: " يدأبان في سيرهما وإنارتهما ودرئهما الظلمات، وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات" وقال الفخر الرازي: "وقوله: (دَآئِبَينِ) معنى الدؤب في اللغة مرور الشيء في العمل على عادة مطردة يقال دأب يدأب دأباً ودؤباً وقد ذكرنا هذا في قوله: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَبًا) [يوسف: ٤٧] قال المفسرون: قوله: (دآئِبَينِ) معناه يدأبان في سيرهما وإنارتهما وتأثيرهما في إزالة الظلمة وفي إصلاح النبات والحيوان" 


وفي هذه الآية (وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ) دليل على أنّ للشمس والقمر حركة ذاتية، وليست حركة الأرض، وهذا ما لاحظه الآلوسي صاحب تفسير روح المعاني إذ قال: "وظاهر الآية إثبات الحركة لهما أنفسهما". وهناك رواية جميلة فيها تفسير لما نحن فيه عن الحسن البصري، يقول فيها: "إذا غربت الشمس دارت في فلك السماء مما يلي دبر القبلة، حتى ترجع إلى المشرق الذي تطلع منه، وتجري في السماء من شرقها إلى غربها، ثمّ ترجع إلى الأفق مما يلي إلى دبر القبلة إلى شرقها، كذلك هي مسخرة في فلكها، وكذلك القمر.


إذن كون الشمس أصغر حجما من الأرض بكثير، وأنها تدور فوق الأرض، و لضيائها حدود بمعنى أنها لا تغطي الأرض كلها، لهذا يكون جزء من الأرض مظلما، والجزء الذي فيه الشمس مضيئا وهكذا. قال العزيز العليم: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). نفهم من الآية أن الشمس و القمر يسبحون في فلك، الذي هو مدار مستدير لا تخرج عن نطاق السماوات و الأرض. أريدك أن تلحظ هنا حرف (في) التي تفيد الظرفية، و هذا يعني أن كل من الشمس والقمر مظروفان في فلك داخل نطاق السماوات و الأرض ومعلوم عقلا أن المَظروف أصغر من الظّرف، كما لو قلت: عبدالعزيز في البيت، مما يدل على أن البيت يحتويني، و هذا يعني أن البيت أكبر مني. فإن فهمت هذا ستفهم لماذا أقول الشمس و القمر أصغر من السماء و الأرض. أصغر من الحدّ العلوي و الحدّ السفلي للوجود الدنيوي.


و هنا أحبّ أن أستطرد و أنقل لك كلاما للشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله في مسألة حجم الشمس: وأما دعوى بعض الفلكيين أن الشمس أكبر من السماوات وأكبر من الأرض إلى غير هذا فهي دعوى مجردة لا نعلم صحتها ولا نعلم دليلاً عليها فهي آية عظيمة، أما القول بأنها أكبر من السماوات والأرض فهذا شيء يحتاج إلى دليل، هذه مجرد دعوى كما يقول العلماء، هذه مجرد دعاوى ليس عليها دليل واضح فيما نعلم.


فإن سألت عن سرّ تغير حجم الشمس مرورا من المشرق إلى المغرب، أقول السبب هو زاوية النظر كذلك. تخيل نفسك واقفا على شارع ما، وتخيل أنّ سيارة تأتيك من بعيد ناحية الأفق، ستجد السيارة صغيرة جدًّا ثمّ تكبر شيئا فشيئا حتى تصل إليك، وتراها أكبر مما كنت تراها وهي بعيدة عنك ناحية الأفق. أخبرني بربك، هل تغير حجم السيارة أم بقي كما هو؟ بالتأكيد لم يتغير حجم السيارة، لكن السبب في اختلاف حجمها عندما كنت تنظر إليها وهي بعيدة ثمّ تغير حجمها عندما اقتربت بسبب ما صار متعارفا اليوم بالمنظور، وبسبب هذا المنظور هُيّئ إليك أنك ترى الحجم يختلف، نفس الشيء مع الشمس. و أيضا بالنسبة لانخفاض الشمس أثناء الغروب، فإنّها في حقيقتها تبتعد عنك و عندما تبتعد تظهر لنا أنّها تنخفض، تماما مثل أعمدة الإنارة في الشوارع، كلّها تكون متساوية في الارتفاع و البعد فيما بينها، و لكن إن أنت نظرت إلى أبعد عمود تستطيع رؤيته لوجدته منخفضا و لكن في الحقيقة ليس هناك انخفاض و كذلك الأمر عندما تغرب الشمس، هي في الحقيقة تبتعد و لا تنخفض و لكن بسبب قصور النظر و العوامل الأخرى المؤثرة تظهر لنا أنّها تنخفض.


فإن قلت إنّ الحالة العكس مع الشمس في أثناء شروقها وغروبها، والسبب أنّ الدماغ يتأثر بسبب المنظور كذلك فيُخيّل إلى الرائي أنّ الشمس تكبر عند الأفق، وهذا التفسير هو المستخدم لنظرية الأرض الكروية، كذلك تصلح للأرض المسطّحة، فليس هناك أيّ إشكال. لكن القائل إنّ الأرض مسطّحة بإمكانه أن يضيف أنّ جو السماء في الأفق يعمل كمُكبر بسبب الرطوبة، ولو أنّ السماء صافية وليس فيها عوائق كانت الشمس ستصغر، وهذا معروف عند جميع الأطراف. هذه العوائق وجزيئات الماء التي في الجو مع غيرها من العناصر تترك هذا الأثر، فإنك ترى الشمس عند المغيب حجمها يكبر، لكن ضوؤها أقل حدّة وإيلاما، وهذا ما يحدث عند انكسار الضوء عبر جسم كثيف وخاصة إن كان يحتوي هذا الجسم الوسيط الكثيف على الماء. و يمكن أن يُقال أن الشمس تبدو أكبر عند الغروب لأن الليل بدأ يحلّ و بالتالي فإن الشمس تبدو أكبر، لكن في النهار لا تبدو كذلك لأن النهار فيه نور فلهذا لا نلاحظ حجم الشمس. مثال ذلك، إن أشعلت شمعة في غرفة فيها كشافات و أنوار و ما إلى ذلك، ستُلاحظ أن شعلة الشمعة تبدو ضعيفة و صغيرة، لكن ما إن تُغلق جميع الكشافات و الأضواء ستلاحظ أن شُعلة الشمعة صارت أقوى و أكبر، يمكنك تُجرّب ذلك بنفسك.


هناك مثال آخر، لو كنت واقفا على الشارع، وتنظر إلى السيارات القادمة من الأفق، بالتأكيد الأقرب منك سيكون حجم أنوار السيارة أكبر من التي خلفها بعدة سيارات، لكن إن ركّزت التي في الأفق ستجد أنّ أنوارها تتساوى مع التي تتقدمها، والمفروض أن تكون أصغر، لكن هذا لا يحدث، ويمكن لأيّ إنسان أن يجرب ذلك بنفسه.


مثال آخر استخدم المصباح اليدوي، وقم بتوجيه أشعته نحو جدار غرفتك، حاول أن تكون ملاصقا للجدار، كيف تجد انعكاس ضوء المصباح؟ تقريبا بحجم فوّهة المصباح اليدوي، أليس كذلك؟ و ماذا يحدث إن ابتعدت ومازلتَ موجها ضوء المصباح ناحية الجدار، وتراجعت إلى الوراء بضع خطوات؟ انعكاس الضوء يكبر شيئا فشيئا، أليس كذلك؟ مثال آخر، مرآة غرفتك التي تنظر فيها إلى وجهك عندما تريد، الصق وجهك على المرآة، وضع علامة على أقصى جزء من وجهك على انعكاس صورتك على المرآة وأسفل جزء من الوجه. ثمّ ابتعد، ما الذي تلاحظه؟ إنّ انعكاس صورتك يصغر حتى إنّ العلامات التي وضعتها على المرآة ليست في أماكنها الصحيحة، أليس كذلك؟ هذه التجارب كلّ منا يمكنه أن يجربها ليعرف أنّ المنظور يلعب دوره. كذلك ظاهرة تشعب الشعاع أو التي تسمى Beam Divergence يمكن الاستدلال بها على ما نحن عليه. الأمثلة كثيرة، لكن يجب أن تعرف أنّ نوعية مصدر الأشعة تلعب دورا كبيرا، كذلك قوتها وبعدها، فهذه الأشياء نستطيع ملاحظتها وهي أصغر حجما من الشمس وأقرب منا، وليس بيننا وبينها من العوامل المؤثرة من الرطوبة في الجو مثل ما بيننا وبين الشمس عندما نراها تغيب في الأفق. 


قد يُحاول البعض أن يتذاكى، ويقول: إنّ الشمس لا يمكن رؤيتها بالليل في النموذج الكروي لأنّ الأرض كروية وهي تدور حول نفسها و تدور حول الشمس، لكن ما تفسيركم أنتم أيها المؤمنون بالنموذج المسطح للأرض؟ لماذا لا نستطيع أن نرى الشمس في الليل؟ سؤال مهم، و الإجابة عنه سهل و الحمدلله، السبب لأنّ الشمس تسبح في فلكها فوق الأرض بمسافة ثلاثة آلاف ميل أو أكثر من هذا، لكن بالتأكيد ليس بقريب من أرقامهم التي تتعدى ملايين الأميال، ومحدودية بصرك لا يتعدى مئة ميل إن نظرت إلى السماء في أحسن حالاتك وقدراتك البصرية، فمن أجل هذا لن تستطيع أن تنظر إلى الشمس بعد أن تغيب. وهناك الكثير من العوامل التي تمنعك من الرؤية. 


أضف إلى ذلك أنّ الشمس أصغر بكثير من الأرض، وهي تسبح فوق الأرض في فلكها، كذلك الأمر عن كون النهار نهارا في بقعة من الأرض المسطّحة وكونها ليلا في بقعة أخرى، تخيّل معي أربعمئة رجل وواحد، هذا الواحد يتوسطهم، ومئتان منهم عن يمينه، ومئتان عن شماله، مُشكلين خطًّا أفقيًّا طويلا، والرجل الذي في الوسط يحمل فوق رأسه مظلة صغيرة. هل ستظلّ المظلّة الصغيرة الرجال الذين يقفون أقصى اليمين؟ بل هل يستطيع الإنسان الذي يقف في أقصى اليمين أن ينظر إلى المظلة أصلا؟ وهل ستظلّ المظلة الرجال الذين يقفون أقصى الشمال؟ وهل يستطيعون النظر إلى المظلة إن رفعوا رؤوسهم؟ لا! هذا مثال بسيط مع الفارق الكبير، لكن به يتبين لماذا لا يستطيع الناس أن ينظروا إلى الشمس دفعة واحدة. ومن أجل هذا هناك بقعة في الأرض يكون فيه نهارا حيث الشمس وبقعة تكون مظلمة لأن أشعة الشمس لم تصلهم كما أنّ المظلة لم تظلّ الأربعمائة رجل. 


بما أنّ الشمس تدور بشكل دائري فوق الأرض المسطّحة، فإنها تبتعد وتقترب عموديًّا وأفقيًّا منا، فمن أجل ذلك تختلف الفصول وطول النهار أو قصره، وطول الليل أو قصره. وهنا يحسن بي أن أنقل ما هو مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما: "لو أن الشمس تجري مجرى واحد، ما انتفع أحد من أهل الأرض بشيء منها، ولكنها تحلق في الصيف، وتعترض في الشتاء فلو أنها طلعت مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر، ولو أنها طلعت مطلعها في الصيف في الشتاء لقطعهم البرد". 


لإثبات أنّ الشمس تدور حركة دائرية فوق المعمورة حول وسط الأرض لنفترض أنك في الوسط ومعك لوحة، ارسم مسار الشمس، ستتأكد حين ترسم مسار الشمس أنك رسمت نصف دائرة، وإن طلبت من صديق لك في الجهة المعاكسة أو المقابلة من الأرض رسم لك نصف دائرة عكس دائرتك وإن جمعت اللوحتين معا رأيت حركة دائرية، بمعنى أنّ مسار الشمس دائري فوق الأرض المسطّحة، وهذا غير منطقي ولا يستقيم مع نموذج الأرض كروية التي تدور حول نفسها، وتدور حول الشمس. كذلك يمكنك اختبار قرب الشمس في شهر مارس اليوم الحادي والعشرين حيث يتساوى الليل والنهار بأن تكون على خطّ الاستواء وتراقب ظلّك، فإنه من المفترض أن يكون الظلّ غربا في أثناء الشروق حتى الظهيرة، ويمينا في أثناء الغروب، لكن لماذا لا يحدث هذا؟ لماذا الذي يحدث أنّ الظلّ يتحرك حركة دائرية كما في التجربة السابقة؟ يدلّ هذا على شيئين، أنّ الشمس أصغر بكثير مما يزعمون، وأنّها أقرب إلينا كذلك.


ربما ابتعدت قليلا عن سؤال اختفاء الشمس، لكن باختصار وأخيرا يكفي أنّ الليل عندما يجيء يحجبها عنا، ألم يقل الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في سورة الشمس: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤))  فالنهار يجليها والليل يغشاها، وصحيح أنّ الشمس تكون في بقعة أخرى في فلكها، لكن كون الليل قد أتى فلا يمكنك بوسيلة من الوسائل أن تنظر إلى الشمس في الليل إلا إذا ذهبتَ إلى بقعة الشمس المضيئة حيث الليل لم يغشى بعدُ، أما إن حلّ الليل في بقعتك فلن تستطيع من بقعتك الجديدة أن ترى الشمس وهكذا. و العجيب أن من قرأ في تاريخ الكونيات في الصين قبل الميلاد لوجد أنّ هناك رأي قوي أن الين (Yin) بسحابته أو بظلّه يغشي الشمس عند الغروب فلا يستطيع الإنسان أن يرى الشمس عندما تظلّ سحابة الين العالم و لا تستطيع الشمس أن تخترق الين بضوئها. و الين (Yin) كما هو معلوم يعني الليل و منه شعار الين و اليانغ أو الليل و النهار. 


بالتأكيد كلّ كاره لله الواحد القهّار وللغيبيات سيجد استشهادي بأنّ الليل يغشى الشمس أنني رميت إلى الغيب فيقول مستهزئا: هذا سحر، كذلك زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كانوا يقولون لمن كان يرى الأمور الخارقة أو التي من صنع الله البديع إنما نحن مسحورون، وهذا دأب من كان على شاكلتهم. يسهل عليهم الإيمان بكرة تسبح في المجرة كالذرة وتدور حول محورها ألف ميل في الساعة، وتدور حول الشمس، وتدور هذه المجموعة الشمسية في المجرة كذلك المجرة كلها بأرقام خيالية ثمّ يقولون: هذا علم أو أثبته العلم وما أثبته العلم! هذا الذي بالفعل يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. فلا ينبغي أن ينزعجوا منا إن سخرنا منهم كونهم يسخرون منا عندما نفسر الظواهر الكونية بكلام الله، وهم يُؤمنون بسخافات الكثير من المُخلّفات العلمية الحديثة إيمانا غير مبني على اقتناع حقيقي ولا برهان: (إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ).



عبدالعزيز النظري

تويتر

انستغرام