Wednesday, January 12, 2022

الكسوف و الخسوف

 

كم من مرة رأينا الشمس والقمر معا فترة الخسوف؟ كثيرون الذين رأوا مثل ما رأيت، فهذا دليل كافٍ على أنّ نظريتهم غير صحيحة، وذلك لأنّ القمر في جهة، والشمس في جهة أخرى والأرض في الوسط، فكيف يحدث الخسوف الذي هو عبارة عن ظلّ الأرض على وجه القمر؟ انتبه أنه كون القمر في جهة والشمس في جهة والأرض في جهة ويحدث الخسوف يدلّ أنها جميعا ليست على خطّ مستقيم. ثمّ إنك إن وضعت في اعتبارك حركة الأرض الخيالية حول محورها وحركة القمر حول محورها وحركتها المتطابقة حول الأرض وحركة الأرض والقمر حول الشمس بسرعات خيالية، وحركة الشمس داخل المجرة وحركة المجرة في هذا الكون بأرقام سماوية هائلة ثمّ يحدث هذا الخسوف بانتظام، ويمكن تحديده أمر عجب! 


عجبي أنّ الملاحدة المؤمنين بهذا ينكرون وجود الله الحي القيوم! بالتأكيد مهما تأتهم من أدلة يأتونك باعتذارات، وذلك لتمرير أباطيلهم التي يؤمنون بها على أنها حقائق تماما كما يفعل بعض أهل العلم من المسلمين الذين يحاولون التوفيق بين القرآن والمرويات حتى لو كانت تلك المرويات موضوعة أو مكذوبة، والعقل البشري بإمكانه الربط بأشياء كثيرة حتى إن كانت خاطئة ثمّ الإيمان بها. والتاريخ شاهد على مثل ذلك، فلهذا لن يصلح أن أقول لك عزيزي القارئ: لماذا لا نرى الخسوف على الزهرة أو عطارد، فإن ردّهم سيكون لأن ليس لها أقمار كقمرنا حتى لو أنّ لها أقمارا فإن طبيعتها ستكون مختلفة عن طبيعة قمرنا وإن كانت الطبيعة واحدة فالمسافة مختلفة حتى لو كانت المسافة واحدة، فإن بصرنا قاصر، وهكذا :(لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ) أي شيء إلا والإيمان بالشيء السهل الذي يفهمه الإنسان العامي والإنسان العالم. يُحبون الإيمان فقط بما يُؤمن به العلماء، طبعا العلماء الذين يعتبرون عندهم علماء، أما العلماء المخالفون لهم فتُنزع منهم الألقاب والأسماء. والله المستعان.


حديثا عن ظلّ الأرض على القمر، ما بال الظلّ أصغر من القمر والبعد بين الأرض و القمر معروف عند المجتمع العلمي، أليس من المُفترض أنّ يتوسع الظلّ ويكبر بالابتعاد ويصغر بالاقتراب؟ وبما أنّ بعد القمر عن الأرض حوالي ٣٨٥ كيلومتر، وبُعد القمر عن الشمس حوالي ١٤٧ مليون كيلومتر، وبُعد الشمس عن الأرض حوالي ١٥٠ مليون كيلومتر فكيف تستقيم هذه الأبعاد مع الظلّ المزعوم على القمر؟ وإن كان ظلّ الأرض المنعكس على صفحة القمر فلماذا الظلّ له ألوان مختلفة، وكذلك القمر، ومعروف لنا جميعا ما هو لون الظل!  


أيضا لماذا يشاهد الناس عبر التاريخ بعض الأحيان الكسوف بالرغم من مشاهدتهم الشمس والقمر في الأفق؟ وإن أنت أخذت بنموذج الأرض الكروية ثمّ عرفت أنّ سكان دول تقع في أطراف متباعدة يرون نفس الشيء فكيف يحدث ذلك؟ فإن كان السبب هو ظلّ الأرض فلماذا لا نرى الخسوف عندما يتوسط القمر الأرض في وسط السماء؟ وأين وسط الأرض و وسط السماء في منظورهم أصلا؟ والله أمر عجيب توبيخ بعض الحداثيين مقلدي أهل الإسلام وتحقيرهم ثمّ لا يوبخون أنفسهم ويستحقرونها بتقليدهم لأشياء لم يقم عليها دليل عقلي ثابت غير مختلف عليه ولا نقلي واحد ثابت. على أية حال، في فصل الجاذبية ستكتشف أنّ ظاهرة خسوف القمر تهدم نظرياتهم.


إبنيزير بريش الذي عاش في أواخر القرن التاسع عشر و الذي وقف في وجه علم الفلك الحديث، قام بتأليف بعض الكُتيبات يردّ على النظريات العلمية الحديثة، قال في سقوط علم الفلك الحديث: قُدّر قطر القمر من قبل جويس بـ(٣٣٠٠) ميل ، وقطر الشمس بـ(٨٨٢) ألف ميل. كيف يمكن لقرص يبلغ طوله ٣٣٠٠ ميل فقط أن يحجب قرصًا بحجم الشمس على بعد ٩٥،٠٠٠،٠٠٠ ميل. مستحيل وعبثي. يجب أن يتحمل جسمان يكسفان بعضهما البعض نسبة ٨ إلى ٥ على الأقل. و قال أيضا: من المفترض أن خسوف القمر ناتج عن تدخل الأرض بين الشمس والقمر. يُحسب أن الأرض تسافر ١١٠٠ ميل في الدقيقة ؛ كم من الوقت تحتاج الأرض لتمر بين القمر و التي بنفسها تسافر بسرعة ١٨٠ ميلاً في الدقيقة؟ ليست أربع دقائق. لكن الخسوف الأخير للقمر في ٢٨ فبراير استمر أربع ساعات ونصف. لذلك لا يمكن أن تتدخل الأرض حيث كان كلا النجمين فوق الأفق عندما بدأ الكسوف ، ويمكن رؤية بقع القمر بوضوح من خلال الظل ؛ كما شوهد القمر بين النجوم. الملازم بيرس يتفق مع الكاتب بخصوص مسافة أقرب نجم أنه على مسافة ٥٠٠٠ ميل. كيف يمكن أن تكون قبعتك على بعد تريليونات الأميال عندما تكون على رأسك؟.


إن قلت إنّ العلماء اليوم يستطيعون التنبؤ بأوقات حصول الخسوف أقول إنهم كانوا يستطيعون ذلك حتى في الحضارات القديمة قبل الإسلام بل قبل ميلاد المسيح وتسمى دورة ساروس أوحتى بطريقة الجداول الفلكية (افامريس) التي بها تحدد قيمة قياس مميز للأجرام السماوية. كونهم يستطيعون بأجهزتهم اليوم لا يعني أن الناس القدامى لم يكونوا يستطيعون ذلك، ولا يعني بتاتا أنّ القائلين إنّ الأرض مسطّحة لا يستطيعون ذلك. كما أنّ الرجل إن كانت له يد اصطناعية يستطيع أن يصنع بها طعامه، كذلك الإنسان ذو يدين يستطيع أن يصنع طعامه، ولا يعني أبدا إن كانت اليد الاصطناعية من حديد ومن تقنية فيها قدرات أكثر من اليد الطبيعية فإنّ الإنسان ذو اليد الطبيعية لن يكون قادرا على صنع الطعام بنفسه! 


اليوم و الحمدلله، كلّ ما هم بحاجة إليه معرفة موقع الشمس وموقع القمر وبعض الحسابات الكمبيوترية وصناعة سيناريوهات وينتهي الأمر والأكواد أو الشفرات موجودة على الشبكة، ويمكن للمهتمين باستخدامها، وبالتالي توقع حدوث الخسوف سواء كان المبرمج معتنقا النموذج الكروي للأرض أو النموذج المسطح. أذكر أني قرأت في أحد الكتب للأسف لا يحضرني اسمه الآن، أنّ المنجمين أعطوا الاسكندر الأكبر جدولا فيه توقعاتهم للخسوف لألفين سنة قادمة. والله أعلم بصحة ذلك. الفكرة أن تَوقُّع الكسوف والخسوف قديم جدًّا قبل تَفَشّي نظرية الأرض الكروية بقرون.


أما الكسوف فلا فرق إن قلت الأرض كروية أو مسطّحة إن أنت اعتقدت أنّ الشمس والقمر تقريبا بنفس الحجم، وأنهما قريبان من الأرض، وأنهما أصغر حجما بكثير مما يقوله العلم الحديث، وبالتالي تيسّر شرح عملية كسوف الشمس على الأرض المسطّحة إن قلت إنّ الشمس والقمر (كلّ في فلك يسبحون) حركة دائرية، وبسبب القمر يحصل الكسوف. ويمكن أن يُقال إنهما جسمان شفافان، فعندما يكونان في مرمى واحد فالناس يبصرون الكسوف، أو يمكن أن يقال إنهما يتحركان في أفلاكهما، وعندما يحدث اقتران بينهما يحدث الكسوف. 


هناك عدة إجابات مثيرة تدفع الإنسان للبحث، وقد تنطبق على كلّ من الأرض المسطّحة أو الكروية، لكن هل هناك عندي أمر قطعي، في الحقيقة وأكون صادقا معكم ومع نفسي ليس بعد. وذلك أني لم أفكّ الغلق الذي عليّ، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى قال: (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) فبعض الفرضيات عن الكسوف في الأرض المسطّحة فيها أنّ الشمس تدرك القمر، وهذا ما يسبب إشكالا. لكن إن أخذت بالفرضية التي أقولها وهي أنّ الشمس في فلك، والقمر في فلك آخر، وعندما يكونان متوازيان في مرمى واحد تحدث ظاهرة الكسوف. 


كذلك إن أخذت بفكرة أنّ هناك أجراما وأجساما سماوية قد تكون شفافة أو غير شفافة غير مرئية هي التي تسبب ذلك، أو تقول إنّ الشمس والقمر أنوارهما أو مصدرهما في القبة السماوية والأجسام العاكسة لها هي التي نراها، فإن جاءت أجرام بين المصدر والعاكس قد تسبب ذلك 


وربما يُقال إنّ الكسوف من ذات الشمس، يعني الشمس لها خاصية الكسوف بنفسها من غير تدخل القمر، مثلا تقول إن الشمس عندما تضعف ضوؤها و تنكسف، يظهر لنا شكلها الحقيقي (أعني شكل الشمس الحقيقية) و التي قد تكون على هيئة الاسطوانة التي في وسطها فراغ أو الدونات (الكعكة المحلاة). تخيّل معي، تخيل اسطوانة الشمس الشديدة الإضاءة، لن تستطيع أن ترى الفراغ الذي في وسط الشمس بسبب عظيم ضوئها لكن عندما تنكسف و تضعف و تقل فإنك تراها على حقيقتها، فترى في وسطها مثل دائرة مظلمة و التي يحسبها الناس أنّها القمر و ما هي بالقمر إنما ظهور فراغ الشمس في الوسط. تماما كالكشافات القوية لا تعرف هيئت ناقلات الكشاف لشدة الضوء لكن إن أطفأتها رأيت هيئة الناقلات الضوئية بوضوع. 


هناك أفكار أخرى لكن أظنّه أنه سيزيد من تعقيد الموضوع، باختصار ليس عندي تفسير أستطيع أن أجزم به حتى الآن و لا عيب في ذلك، ولعلك -عزيزي القارئ- إن استلهمت شيئا بعد قراءتك هذا الكتاب، ودرست الموضوع و وجدت الإجابة أتمنى أن تراسلني تخبرني بها، وأكون لك شاكرا. باختصار أنّ هناك عدة إجابات وأفكار، كلّها بحاجة إلى بحث في أدلتها التفصيلية، وهي متوفرة، وقد تكون في إحداها الإجابة، وكلّها تصلح و تستقيم مع نموذج الأرض المسطّحة. والحمد لله ربّ العالمين.


أخيرا أُسجّل ملاحظة أنّ ظاهرة القمر العملاق أو القمر الخارق تسبب قلقا عند المؤمنين بنموذج الأرض الكروية أو قانون الجاذبية. فلماذا عندما تحدث ظاهرة القمر العملاق، و تقترب من الأرض ليس هناك تغيرات ملحوظة على الأرض والمد والجزر، وما إلى ذلك؟ وما الذي جعل القمر يقترب منا؟ هل الجاذبية ثابتة أو أنها مزاجية؟ وماذا عن ابتعادها بعد اقترابها؟ ما الذي أعاد إلى القمر قوتها لمقاومة جاذبية الأرض، فتبتعد عنها لتصير الشكل المعتاد؟ أمر غريب. صحيح أنّ عامة الناس يربطون الكوارث والمصائب بظاهرة القمر العملاق أو القمر الخارق، لكن حتى علماء المجتمعات العلمية المعاصرة ينكرون ذلك، ويعتبرون هذه الأشياء من العلم المزيف و الحمدلله. 



عبدالعزيز النظري

تويتر

انستغرام


No comments:

Post a Comment