السلام عليكم و رحمة الله و بركاته… كثيرا ما أقرأ في عجائب خلق الإنسان، و عجائب خلق الله عامة، فهذه المواضيع في الحقيقة تؤثر علي بشكل إيجابي فقلت لما أختص بالفوائد لنفسي و أنا أقرأ، لما لا أنشره للناس. فكان ذلك سبب هذه المشاركة. فإليكم بعض العجائب في خلق الإنسان. "لقد أبدع الله سبحانه معاشر المسلمين الآدمي في صورة عجيبة وخلقة بديعة يعلم بعقله ويعي ببصيرته ويتكلم بلسانه فاليدان لاستخدام الأشياء والرجلان للسعي والعينان لمشاهدة الدنيا والمعدة للهضم والكبد لطبخ الغذاء والطحال للفكرة والامعاء للفضول والفرج لاقامة النسل والذكر آلة لذلك فتبارك الله أحسن الخالقين والرأس أشرف الأعضاء ويقال الرأس صومعة الحواس ومضاده من القلب وخلقه بأعضاء مفردة ومزدوجة فالمفرد مذكر في اللغة والمزدوج مؤنث فجعل الرأس مفردا للاكتفاء به فلو جعل له رأسين لكان زيادة من غير فائدة وخلق اليدين مزدوجة لحاجة كل واحدة الى اعانة الأخرى كما قال الصادق رضي الله عنه خلق الله في شبر من الانسان أربع جواهر وهم العينان وماؤهما مالح ولولاه لذابتا لأنهما شحمة والأذن وماؤها مرّ ولولاه لما امتنعت الهوام من دخولها والمنخر وفيه حموضة الاسترواح والاستنشاق والفم وماؤها عذب الاستطعام.
فسبحان من أنطقه بلحم وأبصره بشحم وأسمعه بعظم وأعجب من هذا تصور في الرحم في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة حيث لا تراه عين ولا تناله يد فيخرج سويا فلو خلق له لسانين لكانا ثقيلين عليه من غير حاجة فلو تكلم بأحدهما كان الآخر معطلا وان تكلم بكلام واحد كان أحدهما لغوا وان تكلم على خلافه لم يدر السامع على أي القولين يقول فتبارك من جعل لمنافذ البول والغائط اشراجا يضبطها لكي لا يجري جريا دائما فيفسد عليه عيشته وفي حسن التدبير أن يكون الخلاء في أستر موضع من الدار فكذا المنفذ المهيأ للخلاء في جسد الانسان في أستر موضع وجعل الريق يجري دائما الى الحلق فلا يجف فلو جف الحلق واللهاة والفم لهلك الانسان فتفكروا معشر العقلاء وتأمل يا صدر المعالي وعلم الرؤساء في الحفظ والفهم فلو عدم الآدمي الحفظ والفهم لا ختل عيشه فلم يحفظ ماله وما عليه وما أخذ وما أعطى وما يتذكر من أحسن اليه ممن أساء وتفكر في النسيان وعظم نعمة الله فيه فلولاه لما سلا أحد عن مصيبته ولا انقضت له حسرة ولا مات له حقد.
ثم تفكر في الحياء خص به الآدمي دون سائر الأشياء فلولاه لم يقر الضيف ولم يقع الوفاء بالعدات ولم تقض الحوائج ولم يتخير الجميل ولم يتجنب القبيح وتفكر في كتمان الأجل فلو علم الآدمي مدة حياته وكمية عمره لتنغص عيشه فلو عرف مقداره وكان قصيرا لم يهنأ بعيش مع ترقب الموت بل كان بمنزلة من قد فني ماله وأشرف على الهلاك ولو كان طويل العمر وثق بالعمر فانهمك في اللذات على أنه يبلغ شهوته ثم يتوب وهذا مذهب لا يرضاه الله تعالى من العباد ثم تأمل آخرا في الأشياء المعدة في العالم فالتراب للبناء والحديد للصناعات والخشب للسفن والنحاس للأواني والذهب والفضة للمعاملة والجوهر للذخر والحبوب للغذاء والثمار للتفكه واللحوم للمأكل والطيب للتلذذ والأدوية للتصحح والدواب للحمولة والحطب للوقود والحشيش للدواب والمسك والعنبر للشم فلم يقدر المحصي أن يحصي هذا الجنس ولو صنفنا كتابا في هذا الجنس لما استقصينا أفراده والله تعالى أعلم.”
No comments:
Post a Comment