Thursday, May 26, 2022
النرجسي و الحاسد
وقعت على مقطع لدكتورة تذكر بعض علامات الشخصية النرجسية. (مفيد جدا). و الحقيقة في كثير من الأحيان في مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى في واقع الحياة، تجد أن الأكثرية ينتقدون الشخصية النرجسية أو الشخصية الحاسدة، السبب في ذلك منطقي و مفهوم إذ أكثرنا ينظر للموضوع ليس من زاوية الشخصية النرجسية نفسها أو الحاسدة، إنما من زاوية المتضررين من هذه الشخصيات. و لكن قررت على الأقل في هذه التغريدات أن لا أقف ضد الشخصية النرجسية أو الحاسدة و ذلك لأبين بعضا من المعاناة التي يعانونها.
النرجسي أو الحاسد، ما الذي يواجهه إن أدرك الابتلاء الذي هو فيه و أراد التخلّص منه؟ قد يبحث في الشبكة لكن الغالب سيجد أمورا مثل: “الاستعاذة من الحاسد”، “كيف لا تكون ضحية للنرجسي” و “كيف تغضب النرجسي” و “كيف تتخلّص من شرّ الحاسد” و “لا علاج للنرجسي” أو “لا دواء للحاسد”.
ماذا برأيكم سيحل بالنرجسي و الحاسد إن كان يقرأ كل هذا؟ و يجد شحا في محتوى يعينه على التغلّب على حالته الصعبة، يعني كل شيء ضدّه؟ الشيء الذي قد يصاب به سيشعر بأنه مختلف عن الآخرين، و هذا يأتي معه تحديات، و قد يشعر بالذنب و هذا ما قد يؤدي به إلى الاكتئاب و الوحدة و كره الذات و ما يتوّلد من هذا الشعور أحوال معروفة. و قد ييأس فيظنّ أنه سيبقى طيلة حياته هكذا و لن يخطو خطوات جادة لعلاج نفسه وقد يتعدى آذاه و ضرره غيره.
الحسود لم يلد و هو يريد أن يكون حاسدا، و كذلك النرجسي لم يلد ليكون نرجسيا، الغالب أنه نتاج المجتمع و تعاملات المجتمع معه، سواء المجتمعات الصغيرة أو الكبيرة، القريبة أم البعيدة و قد يكون ابتلاء من غير مقدّمات ظاهرة. جرّب اسأل أي حاسد التمست فيه علامات الحسد، هل تحب أن ينعتك الناس بأنك حسود؟ كما أنه لا يفتخر أحد بالجهل، كذلك لا يفتخر الحاسد بحسده و لا النرجسي بنرجسيته (إن كان عنده وعي كافٍ أنه مصاب بالنرجسية).
أن تحسد و تعرف سبب حسدك و مصدره و لكن لا تستطيع دفعه لبلاء عظيم، قد يأتيك هذا الشعور قهرا و رغما عنك بما بما كسبته منذ طفولتك و تراكم على مضي السنوات، ولا تستطيع أن تغلبه، و عندما تقرأ أنه لا علاج لك قد تصاب بالقلق المرضي Anxiety و غيرها من الأمراض الخطيرة.
أريد أن أقول، إن وجدت إنسانا نرجسيا أو حاسدا، لا تحاول أن تشمت به أو تجعله محل سخرية أو تنتقم منه بتحقيره، ففي النهاية هو أخوك الإنسان قد تُبتلى بها بعد سنوات، اسعى أولا في مساعدته حتى من دون إظهار ذلك، فإن لم تستطع فحاول حينها أن تكفّ شرّه عنك.
فمن يدري ربما الحاسد يكون ضحية مجتمع ما، النرجسي ضحية طريقة عيش اجتماعية يعيشها المجتمع، لماذا لا نعطيهم الأمل في النجاة؟ و نقول لهم نفهم معاناتك، لدينا طرق قد تعينك في التغلّب على الحسد و الكبر المستوطن في قلبك. اهدي من تحسد و عوّد لسانك على مدح من تحسده أمامه و خلفه، حاول أن تطلب العلم في المسائل الإيمانية ثم تجمّلها بالعمل الصالح.
و كذلك للنرجسي، أعنه للقيام بأعمال قد تخفف من حدة النرجسية عنده، حاول أن تعينه على الاتيان بأعمال تكسبه وعيا جديدا، صحيح بعض الأعمال قد يرفضها بسبب خوف مستوطن في صدره لكن حاول معه، وجّهه من دون أن تشعره أنّك أعلم منه و الحكمة هي مفتاح التعامل مع هذه الحالات الصعبة.
أنا لا أقول أن تكون نرجسي أو حاسد أمر مطلوب، لا، أبدا إذ هذه الحالات جُلّها ضعف في وعي الإنسان بنفسه و بالآخرين من حوله و معرفة و إيمان حقيقي عملي لا معرفي فقط بالرب الذي خلق السماوات و الأرض.
وفي الختام، أريد أن أقول أن النرجسي و الحاسد يحتاج لمحتوى يساعده للتغلّب على البلاء الذي ابتلي به، كن الوردة و لا تكن الشوكة، كن عونا له على الشيطان و نفسه الأمارة بالسوء و لا تكن معينا للشيطان و الهوى عليه. و هذا لا يقل من أهمية وجود علاج و محتوى يعين المتضررين من آثار هذه الشخصيات.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment