Wednesday, February 21, 2018

الرد على الدكتور عدنان 4


و قد أتى الدكتور عدنان إبراهيم بأن الأرض مددناها او (و هو الذي مد الأرض) بمعنى أنها كروية لأن الجسم الكروية هو الوحيد القابل لأن تكون ممتدة في أي موضع كنت واقف عليها و هذا افتراض لا يعني أنه الأولى بالآية، صحيح أن الرازي رد الإشكال بقوله أنها كروية لكن ليس لأنها ممتدة على الدوام و لكن بسبب كبر حجمها فالإنسان دائما يجدها ممتدة فعادت المسألة إلى المناظير و قد رددت على ذلك في المقال السابق، على كل دعونا نرى ما قال أهل التفسير أولا:





قال الله سبحانه في كتابه: ((وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ))



قال الطبري: يعني تعالى ذكره بقوله ( وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا ) والأرض دحوناها فبسطناها( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ) يقول: وألقينا في ظهورها رَوَاسِي، يعني جبالا ثابتة. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا ). وقال في آية أخرى وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا وذُكر لنا أن أمّ القرى مكة، منها دُحيت الأرض و قال القرطبي: قال ابن عباس : بسطناها على وجه الماء ; كما قال : والأرض بعد ذلك دحاها أي بسطها . وقال : والأرض فرشناها فنعم الماهدون . وهو يرد على من زعم أنها كالكرة . وقد تقدم .و قال ابن كثير: خلقه الأرض ومده إياها وتوسيعها وبسطهاو أكثر أهل التفسير على أنه بسطها على الماء



في تفسير الخازن: قوله سبحانه وتعالى: ((والأرض مددناها)) يعني بسطناها على وجه الماء كما يقال: إنها دحيت من تحت الكعبة ثم بسطت هذا قول أهل التفسير، وزعم أرباب الهيئة أنها كرة عظيمة بعضها في الماء، وبعضها خارج عن الماء، وهو الجزء المغمور منها واعتذروا عن قوله تعالى: والأرض مددناها بأن الكرة إذا كانت عظيمة كان كل جزء منها، كالسطح العظيم فثبت بهذا الأمر أن الأرض ممدودة مبسوطة وأنها كرة، ورد هذا أصحاب التفسير بأن الله أخبر في كتابه بأنها ممدودة، وأنها مبسوطة ولو كانت كرة لأخبر بذلك والله أعلم بمراده، وكيف مد الأرض



بعد هذا العرض نجد أنه ليس من المتقدمين مفسر أخذ الآية كدليل على أن المد لا يكون إلا على الأرض الكروية بل لم يقل بهذا إلا المتأخرين و منهم الشعرواي. أما لو أخذت الآية كما هي فما الذي يمنع أن تكون الأرض ممتدة إلى ما لا يعلمه إلا الله! فإن قلت أين حافة الأرض أقول لم يصل أحد إلى حوافها بل من يدري إن كانت لها حواف لم لا تكون ممتدة تكان تكون إلى نهاية لن يعلمها إلا الله؟ ما تقولون في قوله: ((و السماء بنيناها بأيد و إنا لموسعون)) و الأرض ستكون ممدودة بشكل خيالي إذا كنت تأخذ نظرية القبة السماوية و يتوافق مع بقية الآيات و كذلك مع التوراة! إذ مد الله الأرض على الماء الذي تحت الأرض. و أكثر المفسرين قالوا أن تفسير الآية أنه مد الأرض فصار مطابقا لما في التوراة! كما أن الخلود لا يقتضي الأبدية كذلك المد لا يقتضي مالا نهاية فافهموا ذلك. المشكلة عند القوم انهم يحسبون الأرض كوكب يسبح في الفضاء و ليس بين أيدينا اية من القرآن او حديث او قول صحابي او قول تابعي فيه حتى إشارة أن الأرض كوكب! 



أما القائلين بكروية الأرض من العلماء فأكثرهم هم الذين تأثروا بكتب الهيئة و الفلسفة بل لهم مصنفات فيها كالفخر الرازي، و إنسان كتب في هذا المجال و اعتقد بصحته منذ البداية ما المتوقع منه عندما يفسر القرآن؟ سيحاول التوفيق بين الآيات القرآنية و ما تعلمه من العلوم! مثل العلماء المتأثرين بالآثار المنسوبة للنبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة، فإنهم كثيرا ما يحاولون التوفيق بين الآيات القرآنية و الروايات حتى لو كانت الروايات غير صحيحة في نفسها لكن لإعتقادهم أنها صحيحة فقط و هذا يمكنه أن يلاحظه أي أحد لهم دراسة في هذا المجال. و الفخر الرازي و أبو حامد الغزالي و أمثالهم تأثروا كثيرا بالفلسفة و الهيئة حتى عرف ذلك عنهم بين العلماء و الخاصة و لستم بحاجة إلا قراءة ما قيل عنهم في تراجهم أو عن كتبهم و هذا معروف و لست أراني مضطرا لبيان المزيد في هذا الباب.



قال الله سبحانه و تعالى: ((منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة أخرى)) فهذا واضح أن الإنسان سيبقى على هذه الأرض و قال سبحانه: ((قل سيروا في الأرض)) و لم يقل سيروا في السماوات أو اسبحوا فيها أو طيروا و هذا ليس فقط لأن العقل البشري وقتها لم يكن يستوعبها أو ليست الغرض الذهاب بل لأنهم لا يستطيعون ذلك، حد البشر مع السماء النظر و التفكر فقال سبحانه: ((قل انظروا ماذا في السماوات و الأرض)) و قال: ((أولم ينظروا في ملكوت السماوات و الأرض)) و قال: ((يتفكرون في خلق السماوات و الأرض)) لكن عندما تأتي الأرض من غير السماء يقول: ((سيروا في الأرض)) و ((فامشوا في مناكبها)) و في ذلك اشارة دقيقة لو عندك قابلية إستقبالها!



أما كون أن القول بكروية الأرض قديمة فهذا صحيح و لا أنكر عليه و لست من الذين يزعمون نظرية المؤامرة الكبرى، لا أستبعد أن تكون هناك مؤامرة صغيرة المستوى لكن على كل حال القول بالأرض الكروية قول قديم لكن أقدم منه الأرض المسطحة و جمع من الفلاسفة كانوا يقولون بها من المعروفين، بل إن أكثر الفلاسفة قبل سقراط كانوا يقولون بأنها مسطحة مثل ثالس أو طاليس و ديموقراط و أناكسيماندر الذي كان يقول أن الأرض اسطوانة أعلاها مسطح و أسفلها مسطح (و لعل كثير من المسطحين الحداثى اليوم يأخذون بكلامه) و كذلك تلميذه أنكسيمانس تلميذه كان يقول أن الأرض قرص مسطح و من القائلين كذلك ليوكيبوس و بعدهم بيروس بل حتى إن ثالس كان يزعم أن الأرض مثل الخشبة على الماء و هذا قريب جدا من من منظوري الذي كتبته في المقالة السابقة و يفسر كون الأرض كانت تميد حتى أثبتها الله بالجبال! و كون الأرض مسطحة و السماء فوقها كالقبة أو السقف موجود في كثير من الأساطير العالمية و الأديان.



و أحب أن أنوّه أن بعض القدامى الذين قالوا بكروية الأرض قالوا كذلك بكروية جرم الماء، فكانوا يقولون أن كروية الماء تحيط بكروية الأرض، و إن الرب أو الآلهة (على حسب الخلفية العقدية) أخرج جزء من كرة الأرض من كرة الماء، فصار الجزء العلوي الأرض و السفلي الماء و هذا أيضا لا يدعم نظرية كروية الأرض التي تسبح في الفضاء و كأنها كذرة مقارنة بالشمس و ما إلى ذلك إنما تثبت النظريات الأخرى التي بشأن الأرض المسطحة. لا يصلح أن نأخذ من الفلاسفة و القدامى قولهم أن الأرض كروية من دون الإنتباه إلى المنظور العام للخلق عندهم، فإن مثل ذلك يجعل المرء يقع في خطأ مثل ما وقع خطأ العلماء المعاصرين و منهم الدكتور عدنان إبراهيم حفظه الله. ثم إني شاهدت جميع ما قاله الدكتور في الحقيقة لم يأت برد واحد على جميع الأدلة التي جئت بها في مقالي السابق و الذي كان مصدره القرآن الكريم. فلم يفسر اتجاه القبلة و لا طوفان نوح و تحرك الجبال و لا أي شيء من ذلك. من قرأ مقالتي السابقة لوجد فيها بإذن الله منظورا قويا يتفق مع القرآن و التوارة و الأحاديث و الأساطير و الديانات و أقوال بعض الفلاسفة و العلماء و المفكرين، منظور شمولي يشرح الكثير من الأشياء من غير تضارب أو تأويل متكلّف و الحمدلله رب العالمين.



إنه لأمر مثير للشفقة محاولة بعض إخواننا في تأويل الآيات القرآنية فقط ليوافق النظريات العلمية التي اقتنعوا بها و لقد شنع الدكتور عدنان إبراهيم على القائلين بالأرض المسطحة أيما تشنيع و أكثر من مرة زعم أنه لم يجد فيما بحث من المفسرين من قال كذا و كذا و ها أنا إنسان علمي متواضع محدود أتيت بما خفي عنه! فأقول للدكتور عدنان إبراهيم عرفت أشياء و خفيت عنك أشياء، و كان حري بك و أنت تبحث الموضوع أن تبحث بجد و بموضوعية لا بحث إنسان يبحث عن مقالات للرد على الأرض المسطحة و انتهى! و أنصحك أخي الدكتور العزيز الذي بحق أحبك و لا أجامل بنصيحتك و التي هي آية قرآنية عظيمة: ((و لا تقف ما ليس لك به علم)) و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.