Thursday, June 2, 2022

نظرية آن في القرآن

 أخصص هذا المقال لأكشف لك عن نظرية جديدة تخص بعض الأسماء المذكورة في القرآن، وأصل هذه النظرية وأجزاء يسيرة منها كتبتها قبل سنوات عديدة في مقالاتي عن معنى اسم الله الرحمن. ملخصها أن من بعض معاني اسم الله "الرحمن" له مناسبة وعلاقة بالغيب، أو الجن، أو الشيء غير المرئي والمحسوس في العادة من قِبَل البشر، ومفادها أن أكثر الأسماء التي وردت في القرآن وتنتهي بنفس نهاية صوت اسم الله الرحمن (آن) تكون لها علاقة بعالم الغيب والجن بالمعنى اللغوي العام للجن.


إذ أن الكلمات التي تحتوي على حرفي (الجيم والنون) تعطي معنى الخفاء ومن ذلك الجن والجنين إذ هو متخف في بطن الأم، والمجنون وهو الذي خفي عقله وهكذا، والجنّة وهي متخفية ومحيطة بالأشجار فلا يظهر ما بداخلها، والجِنّة فسّرها بعض أهل التفسير بالملائكة


هل تريد أن نجرّب النظرية معاً؟ فلنبحث في بعض الأسماء المذكورة في القرآن والتي تنتهي بهذا الصوت: (آن). أولاً اسم الله الرحمن، هذا الاسم من أسماء الله الحسنى، لن تجد في القرآن كلّه سورة اسمها من أسماء الله إلا سورة واحدة وهي سورة الرحمن، لا يخفى على أي قارئ للقرآن أن سورة الرحمن خطاب للإنس والجن، وهذا ما اشتهر عند أهل العلم قديماً وحديثاً. فهذه أول مناسبة واضحة بين اسم "الرحمن" والغيب. ولأن هذه السورة حملت هذا الاسم فإن كثيراً من الناس لا يعرفون الكثير من المعاني المذكورة في هذه السورة. فإن السورة فيها الشيء الكثير من المعاني الخفية أو الغيبية التي لا يجد الناس حتى اليوم تفسيراً لها أو على الأقل يستشكلون بعض معانيها.


إن فتحت كتب التفاسير التي تجمع الأقوال السابقة التي قيلت في بيان معنى الآيات، لوجدت تقريباً في كل آية من سورة الرحمن فيه أكثر من قول لبيان المعنى. فإن سألت الناس كيف علّم القرآن ومتى؟ لا يعرفون ذلك، وإن سألتهم ما معنى علّمه البيان؟ لوجدتهم يختلفون، وإن سألتهم بيّنوا لنا معنى النجم والشجر يسجدان، أو معنى والسماء رفعها ووضع الميزان، لوجدتهم يتخبطون كثيراً. وأيضاً اسألهم عن معنى رب المشرقين ورب المغربين، أو معنى مرج البحرين يلتقيان، أو ما المقصود بالبحرين أصلاً؟ وما هو البرزخ الذي بينهما، وغيرها كثير لوجدتهم يختلفون اختلافاً عظيماً.


وسبب هذا الاختلاف بين المفسرين من المتقدمين والمتأخرين أنّهم حسبوا أن هذه السورة فقط لهم، وأن فيها فقط أموراً تخص عالم الشهادة، أو العالم المحسوس للإنسان، وغفلوا أن هذه السورة أيضاً خطاب للجن، وبما أنّ السورة اسمها "الرحمن" ففيها من أخبار الغيب والآخرة ما فيها.


ولأن الرحمن قد يكون اسماً له علاقة بعالم الغيب كان بعض البشر من العرب لا يعرفون اسم الرحمن أو معنى الرحمن كما في سورة الفرقان: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا)، وفي سورة الرعد: (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ).


وهكذا ابحث في الأسماء الأخرى المذكورة في القرآن والتي تنتهي بهذا الصوت (آن) ستكتشف أن هناك معنى خفياً (جنياً)، أو غيبياً أو علاقة بالغيب للمسمى. لنأخذ بعض الأمثلة.


ورد اسم "الجان" في سورة الرحمن من بين جميع السور! وردت في الآية: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ) إن عدت لكتب التفسير لوجدت أنّهم يقولون أن الجان هو الشيطان، أبو الجن أو إبليس، و كما هو معلوم لدينا أننا نحن البشر لا نستطيع رؤية الجان، قال ربنا عز و جل في سورة الأعراف: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ).


فإن قلت: "هذا الجان عرفنا أنّه من الغيب بالنسبة لنا، فما تقول في اسم "الإنسان وهل الإنسان، أنا وأنت وبقية الناس، له معنى غيبي أو خفي؟" سأقول: وكيف غاب عنك أن هذا الإنسان قد نُفِخ فيه الروح، بمعنى فيه جوانب غيبية بلا شك. ما الذي تعرفه عن النفس؟ هل تستطيع مشاهدة النفس، تتحسسها، تلمسها، تشمّها، تراها؟ لا تستطيع أي شيء من ذلك؟ وماذا عن عقله؟ لا تستطيع، ولأن الإنسان مكوّن من جزء مادي وجزء غير مادي وهو النفس، وقد نفخ الله فيه الروح فإنه ممزوج بشيء غير مادي. ومن أجل هذا فإن العلم الحديث بجميع تقنياته ومعدّاته وتقدّمه لا يستطيع أن يجعل النفس التي بداخلنا على طاولة التجارب والتشريح


في مقالات قادمة سنأخذ بعض الأمثلة ونُطبّق عليها النظرية فنختبرها، أتثبت أم أنّها ستسقط؟


No comments:

Post a Comment