Tuesday, June 25, 2013

حفظ اللسان



قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي: "من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدين والزهد والعبادة ، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقى لها بالاً ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب ؛ وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ، ولا يبالي ما يقول ." في هذه المشاركة أنقل لكم جملة من الأحاديث الواردة في حفظ اللسان والترهيب من اطلاقه بلا قيود.

روى مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله: ((قال رجل : والله لا يغفر الله لفلان ، فقال الله عز وجل : من ذا الذي يتألَّى عليَّ أني لا أغفر لفلان ؟ قد غفرت له وأحبطت عملك )) فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله . وفي حديث أبي هريرة نحو ذلك ، ثم قال أبو هريرة : تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته .

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في نار جهنم )) وعند مسلم : (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)) وعند الترمذي من حديث بلال بن الحارث المزني عن النبي: ((إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه)) وكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث؟

وفي جامع الترمذي أيضاً من حديث أنس قال : توفي رجل من الصحابة ، فقال رجل : أبشر بالجنة ، فقال رسول الله: ((وما يدريك ؟ فلعله تكلم فيما لا يعنيه ، أو بخل بما لا ينقصه )) قال : حديث حسن . وفي لفظ : أن غلاماً استشهد يوم أحد ، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع ، فمسحت أمه التراب عن وجهه ، وقالت : هنيئاً لك يا بني ، لك الجنة ، فقال النبي: (( وما يدريك ؟ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ، ويمنع ما لا يضره )).

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة يرفعه : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) وفي لفظ لمسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمراً فليتكلم بخير أو ليسكت)). وذكر الترمذي بإسناد صحيح عنه  أنه قال: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )). وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ، قال : (( قل آمنت بالله ثم استقم )) قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسان نفسه ، ثم قال : (( هذا )) والحديث صحيح .

وعن أُم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: (( كل كلام ابن آدم عليه لا له ، إلا أمراً بمعروف ، أو نهياً عن منكر ، أو ذكر الله عز وجل )) قال الترمذي : حديث حسن . وفي حديث آخر : (( إذا أصبح العبد فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، تقول : اتقِّ الله فينا فإنَّما نحن بك ، فإذا استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا )) فمن له أدنى مسكة من عقل, بعد قراءة هذه الأحاديث, لبذل الجهد في حفظ لسانه, وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسه في قوله : يوم حار ، ويوم بارد...


No comments:

Post a Comment