السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... كثر منذ أيام الحديث عن تعدد الزوجات
من قبل البعض في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر", فشاركت في الموضوع
ببعض الأقوال, لكني قررت أن أكتب مشاركة مستقلة في المدونة أولا للإجابة على سؤال
سألني أحدهم في موقع الـask.fm وثانيا لتعميم الفائدة. أما السؤال فهو
كالتالي: "معظم المتدينين أو من يحبون أن يطلق عليهم هذا اللقب يؤمنون
بتعدد الزوجات ويروجون له فما رأي عبدالعزيز بالتعدد؟" أولا أحب أن أقول
بأن رأي عبدالعزيز لا قيمة له ولا وزن إن كان في أمر شرعه الله سبحانه وتعالى,
أقصد بذلك, إن شرع الله سبحانه وتعالى أمرا فمن يكون عبدالعزيز ليمنع ما شرعه الله
وخاصة أن قول الله هو الحق, والحق لا اختلاف فيه, إنما يمكن أن يكون رأي
لعبدالعزيز حول فهم ما شرعه الله سبحانه وتعالى. وفي هذه المشاركات سأتحدث عن
مواضيع لها صلة بموضوع التعدد. وأحب أن أنوّه أن بعضا مما ستجدونه في هذه المشاركة
لن ترضي الذين مع التعدد أو ضده, وذلك لأني سأقول الحق ما استطعت إلى ذلك سبيلا,
وطبعا طعم الحق مر وقلّ من يستسيغه.
أولا التعدد جائز بشروط معروفة ومذكورة في القرآن الكريم وفي السنة
النبوية, فربما يحرم التعدد لبعض الرجال ويكون غير جائز في حقهم إن لم تتوفر هذه
الشروط, من العدل, والنفقة وغير ذلك, أما الظالم الذي يريد أن يهدم بيته, ويريد أن
يهين زوجته الأولى, أو الذي يريد أن يلعب ببنات الناس فقط ليقضي حاجته ثم يطلقها
من غير سبب فهنا لا ينبغي له ذلك. وكذلك التعدد قد يكون مستحبا للبعض, والتعدد سنة
النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده لا يختلف على ذلك أحد, لكن المهم تطبيق
سنن النبي صلى الله عليه وسلم في موضوع الزواج من عدل, واهتمام ورعاية وغير ذلك.
فمن استطاع ذلك و وجد في قلبه ميلا لذلك فله أن يعدد, بل نقول له جزاك الله خيرا. أما
الرجل الذي لا يستطيع أن يملك نفسه ولا تكفيه امرأة واحدة وحاول الصيام ولم ينفعه,
فهنا يستحب لهذا الرجل أن يعدد لكي لا يقع في الزنا أو قضاء حاجته بطرق غير شرعية.
وكل رجل يعرف نفسه وقوته وضعفه واحتياجاته أكثر من غيره.
ثم هناك أمر لابد أن نعرفه وهو أن شهوة النساء وقضاء الحاجة من الأمور
الغريزية في بني آدم, فبالفطرة الرجل لديه غريزة في الأكل والشرب وكذلك في قضاء
حاجته, قد يظهر عند البعض أكثر من الآخرين, ولكنه موجود, ومن ادعى بأن هذه الغرائز
غير موجودة فإما لتربية نفسه تربية عظيمة كالصوفية والهندوس أو لخلل في تركيبة
بدنه أو لشذوذه. أما الغالب على الرجال بأن هذه الشهوة تكون موجودة. ومثل ما سألني
السائل, لم معظم المتدينين هم الذين ينادون بالتعدد؟ الله أعلم لكني أظن
السبب في ذلك, كون هؤلاء يعرفون ما شرعه الله لهم ويعرفون سنة نبيه صلى الله عليه
وسلم وعادة هؤلاء لا يبالون بتقاليد المجتمعات والعرف إنما يبالون بما أحله الله
أو حرمه. كما ذكرت سابقا, من الرجال من يكون حاد الشهوة لكنه تقي ومتدين ويخاف الزنا
او انتهاك حرمات الله وفي الوقت نفسه يريد أن يقضي حاجته, فلا يجد بدا من الحلال
والتعدد على الوجه السليم وهذا من رحمة الله بخلقه. أما غيرهم من الرجال الغير
متدينين أو الغير متقين, فإنهم لا ينادون بالتعدد وذلك لأنهم أولا يخشون المجتمع
والعادات والتقاليد و"كلام الناس", وربما يقضون حاجتهم بالزنا أو بقضاء
حاجتهم بطريق غير شرعية كمشاهدة الأفلام والصور الإباحية...الخ فلعله هذا والله
أعلم سبب ظهور مسألة التعدد عند المتدين والله أعلم, لا أقصد العموم, ففي كل خير
وشر, فرب رجل ظاهره التدين وفي داخله شيطان, ورب انسان لا يظهر عليه آثار التدين
إلا أن قلبه معلق بالله سبحانه وتعالى.
وبما أن موضوع التعدد مكروه عادة عند النساء ولقد وجدت من النساء من تسخر
من ما شرعه الله وهذا خطأ كبير و خطير, وأظن سبب ذلك عدم معرفتهن ببعض فوائد التعدد,
فسأحاول ذكر بعض منها. لكن هناك أمر لابد أن يفهمه كل مسلم, وهو أن الله سبحانه
وتعالى شرع لعباده التعدد, فلابد أن يكون للتعدد فوائد فردية واجتماعية, فإن كل ما
شرعه الله فإما هو لطلب الخير أو دفع الشر, ولا شك أن التعدد لحكم وأسباب كثيرة,
قد يعلمها البعض ويجهلها آخرون. لقد أجاد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ذكر فوائد
التعدد أذكر منها بأن الزواج سبب للصلة والارتباط بين الناس فتعدد الزوجات يربط بين
أسرٍ كثيرة، ويصل بعضهم ببعض، وهذا أحد الأسباب التي دعت النبي صلى الله عليه وسلم
أن يتزوج بعدد من النساء. التعدد يترتب عليه صون عدد كبير من النساء، والقيام بحاجتهن
من النفقة والمسكن وكثرة الأولاد، والنسل، وهذا أمر مطلوب, سواء في الماضي
والحاضر, ولكن ظهور الحاجة في الماضي كان أكثر من الحاضر, لأن في حاضرنا اليوم
كثير من النساء هي التي تنفق على عائلتها وذويها ولكن لا تنتفي بقية فوائد التعدد
من الانجاب وتربية الأبناء وغير ذلك فلا أكاد أعرف امرأة في هذا العالم لا تحب أن
تكون أمّا. وقد يظهر بعد الزواج عقم المرأة، وربما يطلق الرجل مرأته لهذا السبب,
ولكن الإنسان الذي يعلم ما شرعه الله له من التعدّد لحافظ على زوجته الأولى وتزوج
من أخرى, بل إني شخصيا أعلم عائلة انفصلوا والسبب العقم وانتهت العلاقة الحميمة
التي كانت بينهم, وهذا مما يحزن الحقيقة وخاصة بأن الحل وإن لم يكن مرغوبا لدى الزوجة
الأولى فهو لا شك خير من أن تكون وحيدة في بيت والدها خسرت حبيبها وأما عدم السماح
للرجل بالزواج من أخرى في حالة العقم فيه ظلم عظيم للرجل وهذا يعرفه كل عاقل.
وهناك فوائد أخرى ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وقد يكون
الزوج كثير السفر أو الغربة، فيحتاج إلى إحصان نفسه في غربته كثرة الحروب ، ومشروعية الجهاد في سبيل الله سبب
في قلة الرجال وكثرة النساء، وهذا الأمر تحتاج معه النساء إلى من يستر عليهن ، ولا
سبيل إلى ذلك إلا بالزواج. وقد يعجب الرجل بامرأة أو بالعكس
بسبب الدين أو الخلق، فيكون الزواج هو الطريق الشرعي للقاء كل منهم بالآخر. وقد يحدث خلاف بين الزوجين ، ويتفرقان بالطلاق ، ثم يتزوج الرجل، ويرغب
بالعودة إلى امرأته الأولى، فهنا يأتي تشريع التعدد حلا حاسما لمثل هذه الحالة
.والأمة الإسلامية بحاجة ماسة إلى كثرة النسل لتقوية صفوفها والاستعداد لجهاد
الكفار، ولا يكون ذلك إلا بكثرة الزواج من أكثر من واحدة وكثرة الإنجاب. ومن حِكَم
التعدد تفرغ المرأة في غير نوبتها لطلب العلم وقراءة القرآن، وتنظيف بيتها، وهذا لا
يتيسر - غالبا - للمرأة ذات الزوج غير المعدِّد .ومن حِكَم التعدد
زيادة الألفة والمحبة بين الزوج ونسائه ، إذ لا تأتي نوبة الواحدة منهن، إلا وهو في
شوق لامرأته ، وهي كذلك في اشتياق له .وغيرها كثير ، والمسلم لا
يشك لحظة أن في تشريع الله حكمة بالغة، وأعظم حكمة هو الامتثال لأمر الله وطاعته فيما
حكم وأمر"
لكن لا يُفهم مما قلت بأني أحرض رجال اليوم بالتعدد, ولابد من السؤال! هل سينجح رجال اليوم في التعدد, أما عن رأيي الشخصي أقول بأن هذا يعتمد! لنجاح
التعدد لابد أن يعود الرجال رجالا وتعود النساء نساءً وإلا لا أكاد أشك بأن التعدد
سينتج عنه فشل ذريع. فمثلا (فقط للمثال ولا اقصد التعميم) بعض الذكور اليوم لا
تستطيع أن تميز بينه وبين النساء, لابد أن يضع على وجهه مساحيق نسائية مختلفة أو
بما يسمى بـ"كريم الأساس" ولابد أن يلبس الاكسسوارات ولكن بدلا من اللون
الذهبي يختار اللون الأسود أو الأزرق أو حتى الأصفر لا مشكلة لديه. وطبعا إن كان
في مركز تجاري يميل عادة إلى القميص الوردي والشورت الذي يظهر عورته وهو يظن بأن
كل هذا من "الموضة" وطبعا لا يسلم من بصره الزائغ النساء وهن مشغولات
بالأكل في المطاعم. ونسيت أن أذكر بأنه لابد له من تمليس شعره أو اجراء ما يسمى بالـHair Rebounding وعمليات ازالة شعر الجسم كل شهرين, وتبييض
الوجه وتقويم الأسنان الملون بألوان زاهية وكل ذلك عنده من باب التجمل والتزين ولم
لا والشرع أمر بالنظافة والأناقة! وطبعا عملية تجميل للأنف! وتحطيم الأسنان
الطبيعية وتغييرها إلى أسنان صناعية وذلك رغبة للحصول بما يسمى بالـHollywood
Smile ومن ثم لا يبالي بقبح ونتن قلبه وروحه بسبب ما
يرتكبه من المعاصي ليل نهار.
أما النساء من ناحية أخرى ترى نفسها ربة المنزل, وترى خدمتها للرجل مذلة
ونقص لها, ولابد أن تجرب كل شيء خاص بالرجال وتحب كل شيء يحبه رجال مجتمعها من رفع
أصوات الأغاني في السيارة, ورفع صوتها بالضحك في المراكز التجارية ومشاهدة اللقطات
الإباحيات فقط لأنه يعرض في مسلسل أجنبي مشهور وكأن الحرام يحصل على صك حلال إن
عرض في مسلسل اشتهر بين الناس! وطبعا لابد للعالم كله يعلم بأنها تتابع هذا
المسلسل! وطبعا لا يكفيها إلا منزل فاخر خاص بها, مع سيارة جديدة فارهة, ومهر قد
يصل إلى 300 ألف أو أكثر, وحفلة تكلف في الليلة الواحدة 200 ألف. وبالرغم من
تكرارها بأنه لا تستطيع على فراق الوطن وذلك لحنينها إلا ترغب بالسفر في كل شهر
مرتين! وطبعا لا هي تطبخ ولا تعرف الغسيل وطبعا ذلك لأن هذه الأعمال تهين المرأة!
وتريد أن يكون الغداء والعشاء في المطعم الفلاني وطبعا كل حركة تقوم بها من قيام
أو قعود أو رقود لابد أن تكون مصورة ومنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والله
المستعان. وهكذا, أمثال من وصفت من الرجال والنساء يحولون ما شرّعه الله سبحانه
وتعالى للخير لعباده إلى جحيم ولعنة وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أما الذين يثبطون إخوانهم من التعدد وذلك باستحقارهم لمن يعدّد ويصفونهم بصفات
قبيحة, فهؤلاء اتهموا غيرهم بلا علم و بغير حق. وأستغرب من بعض الرجال أنه يستصعب
موضوع التعدد وهو بالتالي يستطيع بكلمتين أن يرضي مئات النساء في المواقع الاجتماعية
بمجاملاته التي يستحق عليها أن يُبصق في وجهه أو يُحثى التراب على رأسه! بل حتى
باستخدام هاتفه المتحرك, فهو يستطيع أن يرضي هذه وتلك, يتصل بالأولى وبعدها بدقائق
يتصل بالثانية, يرسل الهدايا هنا وهناك وكل واحدة منهن تظن بأنها عشيقته الأبدية. وسبحان
الله يحصل على طاقة خارقة وذكاء غير مسبوق في سياسة عشيقاته, والسيطرة على كل
مشكلة ربما تعكر صفو العلاقة بينه وبين عشيقاته, ثم هو يستصعب ويستكبر أن يعيش زوج
صالح مع زوجتين صالحتان كل منهم يراقب الله في نفسه وزوجه ويخشون الله. أقول لهذا
الرجل وأمثاله من الرجال والنساء: "قم بس قم"
وأخيرا, نصيحتي لمن يرغب بالتعدد أن لا يتعجل, اصبر بارك الله فيك! فإن
المسألة ليست لعبة أو سهلة كما تظن, بل إن مع كل زوجة جديدة سلسلة من المسؤوليات
وتحمل فوق عاتقك أمانة ثقيلة ستحاسب عليها يوم القيامة. وطبعا من الناس من يرغب
بالتعدد ليس للأسباب التي يدعيها من تطبيق للسنة, وتحصينا للنفس, واكثار عدد
المسلمين فيكون له ذخر من الأبناء يدعون له بعد موته, إنما فقط لأنه ملول ويحب أن يجرب.
فمن قال بأنه يريد أن يحصن المسلمات, فما عليه إلا وأن يدفع تكاليف زواج رجل من امرأة,
سواء في أسيا أو أفريقيا أو أي مكان آخر فإنه لا يحصن المرأة فقط بل المرأة والرجل
ويضاعف له الأجر إن شاء الله. وطبعا بعض الرجال كما يصفونهم الغرب دعاة, عقله إما في بطنه وإما في فرجه! فنصيحتي
لهذا الرجل الذي يرغب بالتعدد, أن يفكر بموضوع التعدد ومسؤوليات الزوجة الجديدة
والأبناء وغير ذلك بعد أن يقضي حاجته من زوجته, لأن عندها يعود عقله إلى رأسه
ويبدأ يفكر بعقلية ومنطقية, اسأل نفسك بعد ما قضيت حاجتك, هل أنت مستعد أن تعيش مع
زوجة جديدة, تدفع لها مهرها, وتعاملها معاملة كالأولى, وتوفر لها متطلباتها, وهل
أنت مستعد لتربية أبنائها, هل سيكون لديك الوقت لقراءة القرآن وقيام الليل وطلب
العلم؟ أم أنك تريدها فقط لقضاء شهوة؟ فإن كنت تريدها من أجل شهوة, كم بقيت هذه
الشهوة الآن؟ هل حقا تريد أن تقاسي كل هذا من أجل شهوة 5 دقائق أو أقل؟ لابد أن
يسأل المقبل على التعدد هذه الأسئلة بعد قضاء شهوته, وإلا قبلها فلا يكاد يفكر
بهذه الأمور أصلا والله المستعان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
كل ما قلته صحيح أخ عبدالعزيز .. برأيي شتان بين هذا الزمان وذلك الزمان.. فهالزمان الرجل يريد أن يثبت رجولته بالتعدد واهمال الأولى مع أولادها.. بل البعض يتفاخر أمام أصدقاءه بأنه يتزوج فلانة ويطلق فلانة ..
ReplyDeleteالتعدد للرجال وللذين على قد المسؤولية والمقدرة .. ياما رجال تزوجوا الثانية وأهملوا الأولى وأولادها!
أنا مع التعدد، ولكن بشرط أن تكون بنت بلادي ولا أرضى بغيرها ضرة لي ..
أتفق معك يا أختي زينب, ولهذا قلت في مقالتي, لينجح التعدد لابد أن يعود الرجال رجالا والنساء نساءً...
Delete