كثير من الناس عندما يسمعون عن نظرية الانفجار العظيم يحسبون أنّها نظرية واحدة فحسب و هذا غير صحيح، بل الصحيح أن الانفجار العظيم عبارة عن خمس نظريات منفصلة مبنية فوق بعضها البعض. و لهذا في الأوساط العلمية يقولون كوسمولوجي الانفجار العظيم أو علم الكونيات المبنية على الانفجار العظيم.
الحجر الأساس للنظرية أو قاعدة هذه النظرية الغرض منها كان لشرح الانزياحات نحو الأحمر Redshifts وهذا هو التوسع كما يتم تعريفه في الوثائقيات الابتدائية و هو كذلك يفسر أيضا إشعاع الخلفية الكونية Cosmic Background Radiation.
اللبنة التي فوقها هي التضخم و هي ضرورية لحل مشكلة التسطيح المعروفة في نموذج الانفجار العظيم.
و التي فوقها هي نظرية أو بالأحرى فرضية المادة المظلمة و هي مهمة و مطلوبة لشرح وجود المجرات وعناقيد المجرات Clusters ، والتي لولاها لن تتكثف أبدًا داخل كرة النار المتوسعة!
و فوقها بعض التوصيفات (نعم توصيفات من الوصف و لتعلم ما أعني بالوصف عد إلى كتاب الله و ابحث عن مواردها) للبذور التي ينمو منها البناء العظيم في الكون (المجرات، العناقيد المجرية…الخ)
و اللبنة الخامسة و هي الأعلى نظرية أو بالأحرى فرضية الطاقة المظلمة، تلك الطاقة الغامضة التي يحتاجون لها لتفسير تسارع التوسع الكوني الذي أشارت إليه ملاحظاتهم هم للذي يسمونه بالمستعر الأعظم Super Nova.
و هناك غيرها من اللواصق و الضمادات التي يستخدمونها لكي يكون هذا البناء متماسكا عصي عن الانهيار و بالفعل صار كذلك و ذلك لأنك تحتاج عمرك أو ضعف عمرك لتفهم هذه النظريات وتتقنها حق الاتقان ثم تنتقدها أو ما شابه ذلك و هذا في العادة لا يتأتى لإنسان واحد عمره قصير و علمه محدود يخطئ، و تأخذه الغفلة في حين و النفس و الشيطان مجتمعتان ضدّه.
على كل عودة للصرح الذي ذكرناه أو بناء الانفجار العظيم. إن أنت رميت اللبنة الخامسة سيكون البناء واقفا إلا أنه سيكون قبيحا، لكن تخيل إن أنت تخلّصت من حجر الأساس و هي نظرية التوسّع أساسا؟ ما الذي سيحدث؟ سينهار الصرح! بمعنى أن أتيت هذا الصرح أو البنيان من القاعدة و زيّفت النظرية الأساس وفنّدتها فإن ما بني عليها من الفرضيات و النظريات ستتساقط واحدة تلو الأخرى، و هم يعرفون هذا جيدا و يعرفون تماما خطورة ذلك.
لأنه على نظرية الانفجار العظيم بنيت نظريات أخرى، أو لنقل النظريات الأخرى ليست غنية عنها، بل تحتاجها لتستقيم هي الأخرى، مثل التطوّر. فالتطوّر من دون الانفجار العظيم يمكن فهمه، و لكن ستواجه النظرية مشكلات كبيرة منها عمر الأرض و ما إلى ذلك و هي عصية عن الترقيع.
لتسهيل ما ذكرت، تخيّل معي، أحاديث راوي من الرواة، قد تجد راويا روى أكثر من ١٠٠٠ رواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنت أمام عدة اختيارات، إما أن تختبر كل رواية على حدة، تبحث في سند الرواية و متنها في كتب الحديث و السنن و المسانيد و المجاميع و هذا عمل شاق لا يكاد الواحد منا يستطيعه. و بإمكانك أن تأخذ مجموعة من الروايات و تفحصها و تتعمّق فيها فتجد نمطا من الأنماط فتصدر حكما بناء على هذا النمط الذي وجدته.
أو أنك تبحث عن و في الراوي نفسه، أهو ثقة أم كذاب أشر؟ فإن علمت أنّه كذاب أشر فترد مروياته كلّها ولا يجوز لك الرواية عنه و تقول أنها رواية صحيحة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و تضلّ به المسلمين. أيهما أسهل؟ ستقول أكيد البحث في حالة الراوي أولا.
كذلك هنا، قد لا تجد الوقت الكافي لدراسة جميع هذه النظريات و البحث و التعمّق فيها لكن قد تجد الوقت الكافي للبحث في النظرية الأساس. أما بالنسبة لأهل القرآن، الذين عندهم القرآن ميزان كل شيء، أقول لهم، لا تقارن مخرجات نظرية الانفجار العظيم أو النظريات التي بنيت عليها إنّما ادرس النظرية الأساس وقارنها بكتاب الله ثم احكم، فبهذا تختصر على نفسك المشوار. والله هو الهادي إلى الحق و إلى صراط مستقيم…
No comments:
Post a Comment