عندما أقرأ في كتب النصارى المقدّسة و كتابات علماء النصارى، كثيرا ما يراودني هذا السؤال: “ما السبب أن النصارى جعلوا من عيسى إله يُعبد من دون الله؟” سواء كان ذلك عن طريق عقيدة الثالوث أو زعم أنه ابن الله أو ما شابه ذلك من الباطل، و بما أنني قرأت الأناجيل الأربعة و قرأت ما فيها و العجائب التي قال عيسى عليه السلام عن نفسه، تعجّبت، ثم إني كثيرا ما كنت أجد في كتاباتهم أن عيسى هو كلمة الله و عن طريقه تم الخلق. لدرجة إنك إن قرأت انجيل يوحنا و هو آخر الأناجيل الأربعة، تجد فيها الكثير من المعضلات التي بحاجة إلى حل قبل أن تستطيع أن تؤمن بما تضمّنه هذا الكتاب و يبقى قلبك مطمئنا! فإن في ظاهر هذا الإنجيل بالذات الكثير من الإشكالات. على كل، في هذا الإنجيل مثلا نجد فيه أن عيسى كان كلمة، و كان الكلمة منذ البداية و كان عند الله، أن عيسى قال فيها أنه كان قبل إبراهيم وغيرها من الأمور.
بالتأكيد هذه الكلمات كانت هدفا لغير النصارى أن يوجهوا الاتهامات إلى أن هذا الإنجيل فيه تحريف و تخاريف و هناك عدد لا أكاد أحصيه من الكتب، بعضها تنتقد هذا الكتاب و بعضها تدفع عنه الشبهات و هكذا. عن نفسي عندما قرأت ما فيها وقع في قلبي أن هناكا تحريفا و تلاعبا بالكلمات خاصة أني لم أقرأه بلغة الإنجيل الرابع الأصلي إنما قرأت ترجمات فقط و كثيرا ما كنت أدعو الله أن يريني الحق في هذه المسائل و يهديني إلى الحق فيما اختلف فيه الناس.
حتى جاء اليوم الذي وقع في خاطري ما وقع، أكتب بعضا منها و سأعرض عن بعض. من ما وقع في خاطري ما هو معروف لدى المسلمين والنصارى و هو أن عيسى هو كلمة الله، و لكن هذه الكلمة ليست فقط كلمة عادية، إنما أقصد بأنه كلمة الله، أنه كلمة الله المتجسّد في هيئة المسيح، بمعنى، أن الله يخلق بكلماته، أليس كذلك؟ تخيّل كلمة من كلمات الله قد تجسّد و صار له وجود فيزيائي.
دعني أوضّح لك ما أقصد، لنقل أني قلت: أنا عبدالعزيز، هذه كلمة لا تراها صحيح، إنما سمعت مني أو قرأتها فقط، و لكنك لا ترى الكلمة، صحيح؟ ما أقصده أن كلمة الله قد تجسّد و صار بإمكانك النظر إليه و بهذا لقّب عيسى بهذا اللقب العظيم ”كلمة الله“ لأنه حقا كلمته. فإن كان كذلك كان أصل المسيح كونه كلمة الله، قديما، فإن كان قديما فهذا يعني أنه قبل إبراهيم عليه السلام و ذلك لأنه كلمة الله. و بما أنه كلمة الله فهذا يعني أنه كان قريبا من الله، و به يخلق الله سبحانه و تعالى، أقصد بكلمة الله و ليس المسيح فلا تشرك بالله و انتبه جيدا إلى كلامي. الله سبحانه و تعالى يخلق بكلماته و مثل قوله (كن فيكون). و عندما أقول أن كلمة الله قديم لا يعني أن المسيح بن مريم غير مستحدث و مخلوق، كلا إنما أقول أن الكلمة دخلت و تجسّدت فيه، فهناك فرق كبير فلا تخلط كي لا توقع نفسك في شبهات لن تستطيع الخروج منها. و أما قولي أنه قبل إبراهيم و ذلك لأنه اشتهر عند النصارى أن عيسى قال أنه كان قبل إبراهيم و ذلك استشهادا بمقولة من إنجيل يوحنا الإصحاح الثامن و فيه: “قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».”
ثم تأمل من هو الرسول الوحيد الذي كان بإمكانه أن يخلق بإذن الله؟ لا نعلم أحدا من رسل الله كانت له هذه الخاصية في كتاب الله غير واحد، و هو المسيح عيسى بن مريم، كلمة الله. لأنه كلمة الله استطاع أن يحيي الموتى و يخلق من الطين فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، تأمل في هذا الكلام فإن هذه الفكرة أصيلة و ثورية في دراسات مقارنات الأديان و تحل إشكالات كثيرة بين القرآن و الأقوال المنسوبة إلى المسيح عيسى بن مريم التي بأيدي النصارى اليوم.
قد تقول، لقد جئت بهذا الزعم العظيم، فما هي أدلتك من القرآن الكريم؟ نعم، مرجعنا نحن المسلمين هو كتاب الله، و هنا أدلتي من القرآن الكريم. نبدأ أولا بآية سورة آل عمران: ((إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45))) الآية صريحة أن الملائكة بشّرت مريم بأن الله يبشّرها بكلمة منه. لو قرأت في كتب التفسير لوجدت أنهم غفلوا عن المعنى الذي قلته، إنما تجدهم يقولون إن الله بشّرها برسالة، أي غلاما سيكون رسولا، و آخرين قالوا بشّرها بكلمة لأن ليس له أب، و هذا أقرب و هو قول الفخر الرازي.
قال ابن جرير الطبري: وقوله: ” (بكلمة منه)، يعني برسالة من الله وخبر من عنده“ و في موضع آخر: “سماه الله عز وجل " كلمته "، لأنه كان عن كلمته، كما يقال لما قدّر الله من شيء: " هذا قدَرُ الله وقضاؤُه "، يعنى به: هذا عن قدر الله وقضائه حدث، وكما قال جل ثناؤه: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا [سورة النساء: 47 سورة الأحزاب: 37]، يعني به: ما أمر الله به، وهو المأمور [به] الذي كان عن أمر الله عز وجل.” وقال آخرون: بل هي اسم لعيسى سماه الله بها، كما سمى سائر خلقه بما شاء من الأسماء. و قال ابن كثير: “ أي بولد يكون وجوده بكلمة من الله، أي يقول له كن، فيكون،”. و في تفسير الجلالين: “{ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ } أي ولد”. و قال آخرون: الكلمة اسم لعيسى، وسمي كلمة، لأنه كان عن الكلمة. وقال القاضي أبو يعلى: لأنه يهتدى به كما يهتدى بالكلمة من الله تعالى. قال الآلوسي: “{ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ } كلمة ـ من ـ لابتداء الغاية مجازاً وهي متعلقة بمحذوف وقع صفة ـ لكلمة ـ وإطلاق الكلمة على من أطلقت عليه باعتبار أنه خلق من غير واسطة أب بل بواسطة كن فقط على خلاف أفراد بني آدم فكان تأثير الكلمة في حقه أظهر وأكمل فهو كقولك لمن غلب عليه الجود مثلاً: محض الجود ـ وعلى ذلك أكثر المفسرين “
و عندي أحسن و أقرب الأقوال إلى الصواب من المفسرين هو قول ابن عاشور، إذ قال عندما توقّف عند هذه الآية: “والكلمة مراد بها كلمة التكوين وهي تعلق القدرة التنجيزي كما في حديث خلق الإنسان من قوله «ويؤمر بأرْبَع كَلِمَات بكتب رزقه وأجله» إلخ. ووصف عيسى بكلمة مراد به كلمة خاصة مخالفة للمعتاد في تكوين الجنين أي بدون الأسباب المعتادة. وقوله { منه } مِن للابتداء المجازي أي بدون واسطة أسباب النسل المعتادة وقد دلّ على ذلك قوله (إذا قضى أمراً)”
و أما ابن عباس رضي الله عنهما فإنه أصاب، و من أجل مثل هذا تعرف لِمَ كان يلقب ابن عباس رضي الله عنهما بالبحر، إذ قال: “قال: عيسى هو الكلمة من الله.” و هذا صحيح و لكن المفسرين و العلماء لعلهم لم يفهموه جيدا.
لاحظ الفرق بين بشارة مريم و بشارة زكريا، في بشارة مريم: ((إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45))) و في بشارة زكريا: ((فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ)) و في سورة مريم: ((يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا))
لاحظ الفرق، بالنسبة للمسيح قال بكلمة منه، أما في بشارة زكريا (يبشرك بيحيى مصدّقا بكلمة من الله)، إذن هناك فرق جوهري بين الإثنين أعني عيسى و يحيى. عيسى هو كلمة من الله، و تأمل قوله بكلمة منه؟ منه عائدة لمن؟ أليس لله عز و جل؟ و تأمل، قال اسمه و لم يقل اسمها، فالهاء عائدة إلى من؟ إلى الكلمة… و قد أطال اللغويين في سبب ذلك، و لكن الاجابة اليسيرة إن أنت فهمت أن عيسى هو الكلمة، فإن الكلمة كيان. و إن قلت أن المخلوقات كلها خلقت بكلمات الله أو بكلمة “كن” أو ما شابه ذلك، أقول إن تخصيص القرآن عيسى بن مريم أنه كلمة الله من دون العالمين يدل أن له شأن آخر، شأن خاص، فيها ما فيها.
و بما أن المسيح كلمة الله فلهذا لم يذنب قط و ليس بين أيدينا لا في قرآن و لا في كتاب سابق و لا في تراث أنه أخطأ، و جميعنا يعرف الحديث الذي كنا نسمعه منذ صغرنا، و الذي نجده في صحيح مسلم: ”يَجْمَعُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى النَّاسَ، فَيَقُومُ المُؤْمِنُونَ حتَّى تُزْلَفَ لهمُ الجَنَّةُ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فيَقولونَ: يا أبانا، اسْتَفْتِحْ لنا الجَنَّةَ، فيَقولُ: وهلْ أخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إلَّا خَطِيئَةُ أبِيكُمْ آدَمَ، لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، اذْهَبُوا إلى ابْنِي إبْراهِيمَ خَلِيلِ اللهِ، قالَ: فيَقولُ إبْراهِيمُ: لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، إنَّما كُنْتُ خَلِيلًا مِن وراءَ وراءَ، اعْمِدُوا إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الذي كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فيَقولُ: لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، اذْهَبُوا إلى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ ورُوحِهِ، فيَقولُ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لَسْتُ بصاحِبِ ذلكَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَيَقُومُ فيُؤْذَنُ له، وتُرْسَلُ الأمانَةُ والرَّحِمُ، فَتَقُومانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ يَمِينًا وشِمالًا، فَيَمُرُّ أوَّلُكُمْ كالْبَرْقِ قالَ: قُلتُ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي أيُّ شيءٍ كَمَرِّ البَرْقِ؟ قالَ: ألَمْ تَرَوْا إلى البَرْقِ كيفَ يَمُرُّ ويَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وشَدِّ الرِّجالِ، تَجْرِي بهِمْ أعْمالُهُمْ ونَبِيُّكُمْ قائِمٌ علَى الصِّراطِ يقولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حتَّى تَعْجِزَ أعْمالُ العِبادِ، حتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فلا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إلَّا زَحْفًا، قالَ: وفي حافَتَيِ الصِّراطِ كَلالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بأَخْذِ مَنِ اُمِرَتْ به، فَمَخْدُوشٌ ناجٍ، ومَكْدُوسٌ في النَّارِ. والذي نَفْسُ أبِي هُرَيْرَةَ بيَدِهِ إنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا.”
تأمل قول موسى عن عيسى: “(اذهبوا إلى عيسى كلمة الله و روحه) و أيضا أذكر الرواية التي فيها أن الأنبياء ذكروا أخطاء أو ذنوب وقعوا فيها فيتعذّرون إلا المسيح بن مريم فإنه لا يذكر ذنبا. و كثيرا ما نجد في كتابات النصارى أنهم يزعمون أن المسيح بن مريم لم يذنب قط و الأنبياء غيره أخطؤوا و مثل هذا نجد في بعض المرويات الأخبار عندنا كذلك. السؤال هل هذا يُستغرب منه؟ بالنسبة لي لا، و ذلك لأنه كلمة الله، و بما أنه الكلمة فلن يُذنب، و لا ينبغي له أن يذنب، و بما أنه الكلمة تكلّم في المهد، و بما أنه الكلمة، فإنه رُفع فتأمل. و قارن هذا بالحديث المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه و سلم في رفع القرآن أو العلم آخر الزمان.
و عودة إلى القرآن الكريم و دليل آخر أن المسيح بن مريم هو كلمة الله، نجد في سورة النساء هذه الآية العظيمة: ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلً))
هنا وجدنا أن الله عز و جل أثبت مرة أخرى أن المسيح كلمته بل فصّل قائلا (كلمته ألقاها إلى مريم). تأمل كيف أن الله أضاف بعد كلمته “ألقاها” ما فائدة ألقاها؟ لابد من وجود فائدة، أن هذه الكلمة كانت عنده أو كانت موجودة قبل أن توجد في مريم، أقصد أن كان للكلمة كيان قبل ذلك ثم ألقاها الله سبحانه و تعالى إلى مريم. فعيسى هو رسول و هو كلمة من الله و روح منه.
ثم تأمل قوله روح منه، و اقرأ هذه الآية: ((فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)) و قوله: ((وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)) و قوله عن عيسى ابن مريم: ((وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) انتبه لقوله (فأنفخ فيه) لتعرف علاقة الروح بالنفخ. و تأمل قول الله عز و جل: ((وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ)) ما معنى روح القدس؟ و ما الذي نجده في كتب النصارى يتماشى مع هذا من غير أن يُعارضه؟ نعم لقد أحسنت، المقصود Holy Spirit.
فإذن عيسى بن مريم مكوّن من ثلاثة أشياء، المشكلة في النصارى أنهم جعلوا هذه الثلاثة أشياء هو الله سبحانه و تعالى، أو أجزاء منه و لم يفرقوا بين الكلمة و مصدر الكلمة. دعني أوضّح لك ذلك، هل إذا قلت: “أنا عبدالعزيز” هل كلمة “أنا عبدالعزيز” هي أنا ذاتي؟ بالتأكيد لا! لكن النصارى أخطؤوا عندما جعلوا الكلمة هو الله، و الروح هو الله و بما أنه فيه هذان الإثنان قالوا إن المسيح هو الله و هكذا وقعوا في الضلال المبين و يقولون The Father, The Son and The Holy Spirit.. أما الحق أن المسيح عيسى بن مريم خلقه من تراب و رسول من الله، و هو أيضا كلمة من الله (متجسّدا فيه) و هو روح من الله و هذا فرق كبير و بهذا أظن أني قاربت السبب و الموقع الذي ضلّ فيه النصارى.
و بهذه الأدلة نقول إن قالوا إن المسيح كلمة الله قال عن نفسه أنه كان قبل إبراهيم خليل الله فإنه لا إشكال في ذلك، و إن قالوا عنه في الأناجيل أنه كلمة الله فإنهم صدقوا كذلك، و إن قالوا إن الخلق سبب كلمات الله فصدقوا أما إن قالوا أن كلمات الله هي ذات الله فعندها قد وقعوا في الضلال المبين.
No comments:
Post a Comment