Monday, January 23, 2012

اللّقب القلبي



ما منا شخص إلا و قد أحسن إليه شخص آخر أو هو كان محسنا إلى غيره, سواء بالماديات أو المعنويات, و السؤال يا أعزائي, ما الذي تفعلونه إن أحسن إليكم شخص ما؟ أظن أن الغالبية يشكرون و يدعون لهذا المحسن على إحسانه و البعض قد تعود أن يكرم المحسن بهدية أو صلة أو ما شابه ذلك. و أنا لا أختلف عنكم فإن أحسن إلي محسن فإني أشكره و أدعو له و غير ذلك. لكني ربما أختلف عن البعض قليلا و أضيف على ما سبق هو أني أعطي هذا المحسن لقباً في قلبي و يكون هذا اللقب مستوحاة من إحسانه إلي. مثال ذلك إن أعطاني شخص مالا في وقت الحاجة أعطيه لقب "مموّل في الملمّات" أو شيء من هذا القبيل.

ربما يستغرب البعض فعلي هذا, لكني أقول إن هذا الفعل (و هو إعطاء الألقاب) أفادني كثيرا في حياتي و إن شاء الله يفيدني فيما بقي من أيام حياتي. و هذا اللقب يكون لقبا إضافيا في القلب مع اسم الشخص, لكني أتذكر الشخص بلقبه فإن الأسماء تتشابه و الإنسان بطبيعته يكون شاكرا لمن أحسن إليه إن تذكّر إحسانه و الإنسان اسمه قد لا يكون كافيا في تذكّر إحسان المحسن فهنا يأتي دور اللقب القلبي. ثم إني أعطي هذا اللقب القلبي للمحسن لكي أتذكر احسانه في كل مرة أراه فبذلك أكون شاكرا و ممتنّا له طيلة حياتي  والله شكور يحب الشاكرين ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)). مرة وجدت صديقي قد رفع شأني و ذكري على ملأ من الناس, شعرت بالخجل وقتها لأني كنت على مرأى من الناس و لكن غمرتني سعادة في قلبي بإكرام هذا الصديق لي أمام الناس. فأعطيت هذا الشخص لقبا (أحفظه لنفسي) على هذا الإحسان. و بعد بضعة سنين سمعت أحدهم يقول: "أحدهم استصغرك و قلّل من شأنك في المجلس" فقلت له من يكون ذلك فأجاباني أنه فلان (صديقي) فتذكرت مباشرة لقب صديقي في داخلي و قلت لمحدثي: تقصد فلان الكريم, هذا شخص كريم و يكرم الناس و حبيب لن أنسى ما فعل لي. فاستغرب صاحبي ردة فعلي هذه و لا ألومه فهو لا يعلم ما كان يدور في ذهني و هو يحدثني, نعم أعزائي, تذكرت إحسانه إلي برفع شأني بين الناس فلم أجد في نفسي على صديقي شيء قط فلم أنزعج أبدا أبدا من استصغاره بل دافعت عنه.

أرأيتم كيف استفدت من اللقب! كل شخص له أسلوب في تذكر احسان الآخرين إليه, لكني شخصيا أجد هذه الطريقة سهلة لأتذكّر. ثم إني أريد بهذا اللقب أن يكون احسان المحسن إلي أن يستمر إحسانه طوال حياتي و حياته. يكون ذلك بتذكري لإحسانه فأشكره فالإنسان بالفطرة يشكر من أحسن إليه. و أيضا يكون بتذكري إحسانه فلا أفكّر قط في إيذائه فهل قابلت يوما شخصا أعطاك مبلغا كبيرا من المال فمزقت ماله أمامه؟ إنما فقط نحن البشر للأسف إن أحسن إلينا ربنا سبحانه و تعالى نحاربه بالذنوب و المعاصي. وأيضا يكون ذلك بتذكري إحسانه إن أساء إلي, فإن تذكرت إحسانه هان عليّ إساءته فأعفو عنه و اعلموا أن العفو إحسان إلى نفسي و إحسان إلى المسيء كما ذكرت في موضوع ((و العافين عن الناس)) في الواقع أكثر ما أستفيده من هذا اللقب القلبي هو العفو عن من حولي, فإن كان المحسن قد أساء إلي تذكرت مباشرة لقبه في قلبي و أنه قد أحسن إلي فلن أقابل الإساءة بالإساءة بل أقابلها بالعفو و الإكرام و إن لم أستطع ذلك فأضعف الإيمان إن تذكّرت إحسانه اعتبرت اساءته إلي ضريبة ما استفدت من إحسانه من قبل. فيا أعزائي, ما رأيكم أن تجربوها؟ أعطوا لكل شخص أحسن إليكم لقبا في أنفسكم, و ليكن اللقب لقبا مميزا تتذكرونه كلما رأيتم المحسن, و من ثم أخبروني بالنتائج. 



No comments:

Post a Comment