(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) {البقرة ٣٦}
الذي أفهمه من هذه الآية أنّ مُستقرّ الإنسان الأرض وليس المريخ و الكواكب التي سموها بأسمائهم. ولاحظ أن في كلام الله العزيز الحكيم لم يقل فيه: ”ولكم في الأرض مقام“ إنما قال (و لكم في الأرض مستقر)، والمستقر في معاني اللغة تفيد الثبوت. و من فوائد الآية أنّ المتاع لن تكون في تلك الكواكب التي يسمونها. و شبيهة بهذه الآية نجدها في سورة الأعراف: (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) {سورة الأعراف ٢٤} لاحظ مرة أخرى نجد (مستقرّ) بدلا من مقام، إذن الأرض ليست بمقام تقيم فيه بعض الوقت ثمّ تختار مكانا آخر، فيمكن أن يُقال: إنهم سيغزون الفضاء ويبنون مُجمعات ومستعمرات فضائية يوما ما.
قال ملك يوم الدين: (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) {سورة المؤمنون ٧٩} يدلّ أنّ قصة الإنسان على هذه الأرض.
كذلك في قوله سبحانه الأول و الآخر: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) {سورة المؤمنون ١١٢} ملحظ جميل، وفائدة استفدتها و ذلك لأن هذا القول المعروف أنه سؤال يوم القيامة بعد البعث، فلو كان الناس سيصلون ويعيشون على كواكب في السماء أو أن الأرض ستُدمّر جرّاء اصطدام كوكب أو نيزك به لم يحسن به عز و جل أن يقول ذلك إذ هو العليم الحكيم و بما أنه لا دليل على أنّ الأرض تطلق على الأجرام السماوية في اللغة، فأقول قُطع دابر القوم المنهزمين نفسيا و الحمدلله رب العالمين.
وقال مُعلّم الإنسان عزّ وجلّ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا) {سورة فاطر ٣٩} أريدك أن تتنبّه لقوله عز و جل: (خلائف في الأرض) بمعنى أنه لم يجعلهم خلائف في مكان ثان. و أيضا قال الملك: (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) {سورة الملك ٢٤} ذرأ في الأرض، وليس مكان آخر، و هكذا ستجد في الآيات التي تشبه هذا لا توجد إشارة واحدة أن الأرض كروية تسبح في الفضاء أو الناس سيعيشون فوق النجوم و الكواكب. و هذا ذكّرني ببعض النصوص الجميلة من سفر إشعياء في رد على المتكبرين إذ نجد في الإصحاح الرابع عشر: ”١٣ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. ١٤ أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. ١٥ لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ.“. رحم الله إمرئٍ عرف قدر نفسه.
No comments:
Post a Comment