Wednesday, November 20, 2013

لولا العلم لصار الناس مثل البهائم




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... هذه مشاركة لبيان فضل العلماء, في المشاركات السابقة ذكرت بعض فضائل العلم, أما في هذه المشاركة ففيها بعض فضائل العلماء. قال سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم, الإمام الحسن رضي الله عنه: "لولا العلم لصار الناس مثل البهائـم" وفي رواية: "لولا العلماء لصار الناس مثل البهائـم" قال الأخ محمد عبدالخالق في مقالته عن فضل العلم: "كلكم يعلم أن كل شيءٍ ماديٍ يشغل حيزاً في الفراغ، له وزن، له طول، له عرض، له ارتفاع، لكن النبات هو شيءٌ ماديٌ يشغل حيِّزاً وينمو، والحيوان شيءٌ ماديٌ يشغل حيزاً وينمو ويتحرك، ولكن الإنسان شيءٌ ماديٌ يشغل حيزاً ويتحرَّك ويدرك، ويفكر، ويعقل، فحينما يُعَطِّل الإنسان عقله، حينما يُلْغي عقله، حينما يحتقر عقله، حينما يستخدم عقله في غير ما خُلِق له هبط إلى مستوى البهائم؛ كتلةٌ من لحمٍ ودم، تبحث عن طعامٍ وشراب، تقتنص اللّذات، تريد أن تأخذ كل شيء بجهلٍ كبير، فالإمام الحسن يقول: " لولا العلم لصار الناس مثل البهائم "، أي أن طلاب العلم يخرجون الناس من حد البهيمية إلى حد الإنسانية."

فالإنسان كما قال الغزالي رحمه الله إنسان بما هو شريف لأجله، وليس ذلك بقوة شخصه، فإن الجمل أقوى منه، ولا بعظمه فإن الفيل أعظم منه، ولا بشجاعته فإن السبع أشجع منه، ولا بأكله فإن الثور أوسع بطنا منه، ولا ليجامع فإن أخس العصافير أقوى على السفاد منه. الإنسان يجتهد أن يكون عالماً أو متعلماً أو مستمعاً ولا يكن الرابع, فإن قلت وما هو الرابع: قلت لك الهمجُ الذي لا خير فيهم... ويروى أن ابن المبارك رحمه الله سئل: "من الناس؟ فقال: العلماء" تأمل إجابته, العلماء هكذا, وكأنهم هم الناس على الحقيقة وغير العلماء كأنهم ليسوا من الناس وكأنهم مخلوقات أخرى غير البشر.

لعل ما سبق مقتبس من الآية الكريمة: ((أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا)) فهذا مثل ضربه اللّه تعالى للمؤمن الذي كان ميتاً أي في الضلالة هالكاً حائراً، فأحياه اللّه، أي أحيا قلبه بالإيمان وهداه ووفقه لاتباع رسله، ((وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس)) أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف به، والنور هو القرآن قاله ابن كثير رحمه الله. فالإيمان نتيجة من نتائج العلم, فإن المؤمن لا يؤمن بما يؤمن به إلا بعد أن يعلم أن هذا الذي يؤمن به موجود. أما إن جهل وجوده فكيف سيؤمن به؟ فالإيمان ثمرة من ثمار العلم... أما إن قلنا إن النور فهو القرآن فهو حسبك من العلم, فأي علم أعظم من العلوم المودعة في القرآن الكريم؟ فمن رزق الإيمان وأوتي القرآن فقد أوتي علما عظيما وكان عالما...

قال يحيى بن معاذ رحمه الله: "العلماء أرحم بأمة محمدٍ من آبائهم وأمهاتهم، قالوا: كيف ذلك ؟ العالم أرحم بتلميذه من الأب والأم بابنيهما؟‍! قال: إليكم الجواب، الآباء والأمهات يحفظون أولادهم من نار الدنيا ـ يخافون عليهم المرض، يخافون عليهم الحريق، يخافون عليهم الفقر ـ ولكن العلماء يحفظون أتباعهم من نار الآخرة . تنتهي فضائل الأبوة في الدنيا، لكن فضائل طلب العلم تستمر إلى أبد الآبدين" أختم هذه المشاركة بأبيات منسوبة للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
 

ما الفخرُ إلا لأهلِ العِلْم إنَّهـــم على الهدى لمن استهدى أدلاَّءُ

وقَدْرُ كلِّ امرىءٍ ما كان يُحْـسِنُه والجَاهِلُون لأهْل العلم أعَداءُ 

ففُزْ بعلمٍ تَعِشْ حياً به أبــــداً النَّاسَ موتى وأهلُ العِلْمِ أحْياءُ



1 comment:

  1. مقال رائع جداً و كم أتمنى أن يكون مرجع للكثير ممن استهانوا بنعمة العقل و اﻹدراك و أكثر ما يحثني لتعلم المزيد هو


    قول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إن اللَّه وملائكته وأهل
    السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير)

    بارك الله في علمك أخي عبدالعزيز
    و اسأل الله أن ينور قلبك بالعلم النافع دوماً

    إحترامي
    شمسه النيادي

    ReplyDelete