Wednesday, December 2, 2015

كتاب - التفسير الكبير

قبل قليل كنت أقرأ في كتاب "التفسير الكبير” و يسمى أيضا بكتاب: "مفاتيح الغيب" للإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التميمي البكري الرازي الشافعي. المعروف بالفخر الرازي.  وهذا التفسير يعتبر من أمهات كتب التفسير ومن أشملها و صاحبه أشعري المذهب و بالرغم من ذلك فإن للكتاب قبول بين السلفية و الماتردية وبعض الفرق المنتسبة لأهل السنة و كذلك مقبول لدى الشيعة. الكتاب متوفر بنسخة مصورة في موقع المكتبة الوقفية و يمكنكم الحصول عليه بالضغط هنا. و أيضا متوفر في برنامج المكتبة الشاملة.

ما يميز هذا التفسير بأنه يحتوي على علوم كثيرة بالإضافة إلى علوم التفسير, ويركز المؤلف على اعمال العقل واستخدام المنطق في الترجيح بين الأقوال مما جعل البعض ينتقد تفسيره وأنا أرى ذلك منقبة له. و أيضا من الأشياء التي نالت اعجابي في التفسير أن الرازي يهتم ببيان المناسبات بين آيات القرآن و أيضا في سوره. بل ستجد أن عددا ليس بقليل من يؤلفون الكتب في مناسبة آيات القرآن الكريم أو ترتيب السور يأخذون من تفسير الرازي. في الحقيقة، من كثرة الفوائد التي في الكتاب يمكنك أن تجمع الفوائد الغير مكررة في كتب التفاسير و تؤلف كتابا من مجلد كبير يحتوي فوائد هذا التفسير الرائع. و قد مات الفخر الرازي قبل اتمام تفسيره و لكننا نجد التفسير كاملا مطبوعا اليوم، فمن الذي أكمله! ابن حجر المحدث المعروف يجيب كما في كتاب الدرر الكامنة: “الذي أكمل تفسير فخر الدين الرازي، هو أحمد بن محمد بن أبي الحزم مكي نجم الدين المخزومي القمولي، مات سنة 727هـ وهو مصري”. 

و قد اختلف الناس قديما و حديثا في هذا التفسير فهناك من يمدحه و هناك من يذمه. يقول المفكر التونسي بسام الجمل: “اختلف الدارسون، قدامى ومُحْدَثون، في تقدير قيمة هذا التفسير. فمن المواقف الطاعنة فيه نذكر قول السيوطي متحدّثًا عن الرازي: ”قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وشبهها، وخرج من شيء إلى شيء، حتّى يقضيَ الناظر العجب من عدم مطابقة المورد للآية… ولذلك قال فيه بعض العلماء: فيه كلّ شيء إلاّ التفسير“. وفي إطار الموقف نفسه أبدى بعض الدارسين المعاصرين احترازًا من مثل هذا الصنف من التفاسير، وربما ارتاب منه. وبالمقابل، فإنّ من الباحثين المعاصرين من اعترف للرازي بالفضل، وبتميّزه العلميّ وبامتلاكه لحسّ نقديّ. ذلك ”أنّ من كبار المفسّرين ـ ونقصد فخر الدين الرازي بالخصوص- من كان واسع الأفق، لا يسكت عن الصعوبات التي تعترضه، فيطرحها بكلّ أمانة ويحاول تذليلها ما أمكنه ذلك، مُقَلِّبًا الأمر من مختلف وجوهه وموظّفًا ثقافته الموسوعيّة واطّلاعه على جلّ المعارف في عصره أو مفوّضًا الأمر إلى الله عند الفشل في إيجاد مخرج مقنع ومكتفيًا بالتسليم…“ “ و أيضا مما قالوا عن الكتاب: “إن تفسير الفخر الرازي ليحظى بشهرة واسعة بين العلماء، وذلك لأنه يمتاز عن غيره من كتب التفسير، بالأبحاث الفياضة الواسعة في نواح شتى من العلم، ولهذا يصفه ابن خلكان فيقول: "إنه ـ أي الفخر الرازي ـ جمع فيه كل غريب وغريبة” يهتم ببيان المناسبات بين آيات القرآن وسوره، وهو لا يكتفي بذكر مناسبة واحدة بل كثيرا ما يذكر أكثر من مناسبة. يهتم بالعلوم الرياضية والفلسفية ويكثر الاستطراد فيها. يهتم كثيرا بالأحكام الفقهية وذكر أقوال الفقهاء ومذاهبمهم مع ترويجه لمذهب الشافعي، ويستطرد كثيرا في المسائل الأصولية, كما أنه يهتم بالمسائل النحوية وبالجملة فهو أشبه بموسوعة في علم الكلام والكون والطبيعة”.


انتهيت من تفسير الرازي من حوالي خمسة أعوام (قراءة غير متأنية), ولكنني إلى الآن بين حين وآخر أعود إليه لاقتناء الفوائد واللآلئ المنثورة في الكتاب. و قد صورت لكم صورة من احدى صفحات الكتاب و ستجدون أني ظللت باللون الأصفر الفوائد التي اخترتها و ستجدون كثرتها في صفحتين فقط فهل لكم أن تتخيلوا عدد الفوائد المنثورة في الكتاب! للأمانة لا أكاد أجد صفحة في هذا الكتاب إلا واستفدت منه و لله الحمد و المنة أولا و أخيرا... طبعا لا أنصح بهذا التفسير لعوام الناس الذين لم يقرؤوا في كتب التفسير من قبل أو أصول التفسير و قواعده و ما شابه ذلك من علوم التفسير, فإن التفسير عميق ويتعرض للأقوال المختلفة في التفسير و أوجه الاختلاف ولا يُركّز على الخلاف الحاصل بين علماء أهل السنة بل إنه يتعرض لأقوال الفرق المختلفة كالمعتزلة و الشيعة وغيرهم وهذا مما جعله يخرج عن مقصود الكتاب الأساسي أحيانا وربما سيشتت القارئ المبتدئ. طبعتي هي طبعة المكتبة الوقفية و مكونة من 32 مجلد وكل مجلد حوالي 300 صفحة أحيانا أكثر و أحيانا أقل. الطبعة قديمة وليست جيدة والأوراق ذات جودة سيئة و محتوى الكتاب بحاجة إلى تحقيق متقن ونافع للقارئ. أتمنى أن تتم طباعة هذا الكتاب في حلة جديدة، و خاصة طبعات دار المنهاج الممتازة و التي تضيف قيمة للكتاب بكتاب الفوائد على الهامش كما يفعلون في مطبوعاتهم الجديدة. 


No comments:

Post a Comment