Friday, December 4, 2015

كتاب - حقائق الإسلام و أباطيل خصومه

من منا لم يسمع بالمفكر العربي العملاق “عباس محمود العقاد” أظن بأن معظم القراء العرب يعرفونه، و في السابق كنت أتحاشى كتب الأدباء العرب لأني جربت بعضهم فوجدتهم لا يأتون بشيء له قيمة، مثل ما يُقال عندنا باللهجة العامية: “غسلت إيدي منهم”. ولكن عندما بدأت بقراءة كتب الأستاذ الراحل عباس محمود العقاد رحمه الله عرفت كم كنت مخطئا. لا أكاد أجد كتابا من كتب العقاد إلا واستفدت منه استفادة عظيمة ولله الحمد. و من أوائل كتب العقاد التي قرأتها و هي من أروع كتبه بالنسبة لي هو كتاب “حقائق الإسلام و أباطيل خصومه” و لعله من أشهر كتب المفكر. 

في هذا الكتاب يعرض العقاد لحقائق الإسلام و حقائق الأديان الأخرى و التوجهات الفكرية و الفلسفية المتبناة عند البعض، و يعرض لشبهات خصوم الإسلام المشهورة و يدحضها دحضا ولا أروع بل يقلب شبهاتهم إلى أدلة على عظمة الإسلام و رحمانية رب هذا الدين العظيم و ونبيه الذي أرسله. يبدأ الكتاب بفاتحة عن الأديان بشكل عام ثم يرد على شبهة الشر في العالم و شبهة الخرافة في الأديان و من ثم يعرض لحقائق الإسلام في فصول، ففي فصل العقائد يتعرض لمسألة العقيدة الإلهية و النبوة و الإنسان و الشيطان و العبادات و يعرض لحقائق الإسلام و حقائق الخصوم و يتبين للمنصف أي هذه الفرق خير. و في الفصل الثانية يتكلم عن المعاملات و في الفصل الثالث يتكلم عن الحقوق مثل الحرية الإسلامية و الأمة و الأسرة و الرق و غير ذلك من المواضيع. و سبب كتابته للكتاب ليس للرد على الملحدين المتعطشين إلى انكار كل معنى شريف من معاني الحياة البشرية، و لكنه كتبه للمتدين المنصف من الديانات الأخرى الذي يستطيع أن ينظر إلى هذا الدين نظرة واحدة و طبعا كتبه لعوام المسلمين الذين يتعرضون لسيل من الشبهات التي يلقى إليهم من خارج الإسلام و من أبناء الإسلام. 

من أقوال العقاد في الكتاب: “أصدق ما يُقال في عقيدة القضاء و القدر أنها قوة للقوي و عذر للضعيف، و حافز لطالب العمل، و تعلّة لمن يهابه ولا يقدر عليه، و ذلك ديدن الإنسان في كل باعث و في كل تعلة” و قال أيضا:”فهم الشريعة بنصوصها لا يغني عن فهمها بروحها و حكمتها” و له مقولة جميلة في قسم الأسرة من الكتاب: “متى علمنا أن واجب الإنسان لبني نوعه في الإسلام - إنما هو واجب الأسرة الكبرى التي جمعت أخوة الشعوب و القبائل لتتعارف بينها، فقد علمنا شأن الأسرة في هذا الدين وعلمنا قرابة الرحم و الرحمة حجة القرابة بين الإخوة من أبناء آدم و حواء، و أنها شفاعة كل إنسان عند كل إنسان”. و من أقواله الرائعة في الكتاب: “حق السيف مرادف لحق الحياة، و كل ما أوجب الإسلام فإنما أوجبه، لأنه مضطر إليه أو مضطر إلى التخلي عن حقه في الحياة، و حقه في حرية الدعوة والاعتقاد. فإن يكن درءًا للعدوان والافتيات على حق الحياة و حق الحرية فالإسلام في كلمتين هو دين السلام”. و مقولة أخيرة أنقلها من الكتاب: “التناسق ظاهرة عجيبة في الإسلام، يلمسها من تأمل فيه و ألقى عليه في مجموعه نظرة عامة بين عقائده و عباداته و بين ما يشرعه من المعاملات و الحقوق و يحمده من الأخلاق و الآداب. هنالك وحدة تامة أو بنية واحدة يجمعها ما يجمع البنية الحية من تجاوب الوظائف و تناسق الجوارح و الأعضاء.


أنصح الناس بقراءة هذا الكتاب سواء المسلمين و غير المسلمين، و لو كان الأمر بيدي لوضعت هذا الكتاب من الكتاب التي تُدرس لأبنائنا في المدارس، فينشئ الناشئ عندنا و هو معتز بدين الله سبحانه و تعالى و مقتنع بهذا الدين فإن اعتناق دين ما فقط لأننا ورثناه من آبائنا من دون اقتناع لا جدوى منها. تقييمي للكتاب ١٠ من ١٠، و الطبعة التي أمتلكها هي الطبعة السابعة ٢٠٠٨ من  نهضة مصر، و الطبعة جيدا جدا. الكتاب متوفر على الشبكة العنكبوتية و يمكنكم الحصول عليه بالضغط هنا. أرجو لكم قراءة ممتعة و مفيدة.


No comments:

Post a Comment