Sunday, September 14, 2014

هل كذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... مشاركة رابعة للتعليق على بعض ما كان في نقاشي مع المشايخ الفضلاء, وهذه المرة هي عن موضوع كذب إبراهيم كما هو ثابت عندهم في كتب الحديث. كان شيخي الفاضل يريد أن يلزمني في تطورات نقاشنا فقال الشيخ هل تؤمن بأن إبراهم كذب ثلاثا, فقلت إني لا أؤمن بذلك, فقال لي شيخي الفاضل أنت تُكذّب الحديث فقلت له بأني لم أكذب الحديث إنما لم أبحث سند الحديث, فمبدئيا لا أؤمن بالحديث وذلك لأن الحديث ظني الثبوت ولكني اضطررت في النهاية أن أقول: "لنقل أني أكذّب ما في هذا الحديث أقصد موضوع كذب إبراهيم عليه الصلاة و السلام" مما ساء الإخوة و وجدوا في كلامي جرأة وتمردا على الصحاح وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. و عن نفسي, بما أن الكذب لا يجوز على الأنبياء عامة أساءني جدا أن لا يجد الناس حرجا بأن يدعوا بأن إبراهيم لم يكذب إلا ثلاثا بناء على أحاديث ظنية وهذه الأمور أمور عقائدية، والعقائد لا تثبت بمثل هذا. أظن بأنهم لم ينحرجوا من نسبة الكذب إلى إبراهيم عليه السلام هو ثقتهم العمياء بأحاديث ظنية الثبوت, فقلت لابد أن أبحث سند هذا الحديث. ولمن لا يعرف الحديث, أقصد الحديث التالي: "لم يَكْذِبْ إبراهيمُ إلا ثلاثَ كَذِبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ منهنَّ في ذاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ . قولُهُ : ((إِنِّي سَقِيمٌ)). وقولُهُ : ((بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)) . وقال : بينا هو ذاتَ يومٍ وسارةُ ، إذ أتى على جبارٍ من الجبابرةِ ، فقيل لهُ : إنَّ هاهنا رجلًا معهُ امرأةٌ من أحسنِ الناسِ ، فأرسلَ إليهِ فسألَهُ عنها ، فقال : من هذهِ ؟ قال : أختي ، فأتى سارةَ فقال : يا سارةُ ليس على وجهِ الأرضِ مؤمنٌ غيري وغيركِ ، وإنَّ هذا سألني فأخبرتُهُ أنكِ أختي ، فلا تُكَذِّبِينِي ، فأرسلَ إليها ، فلمَّا دخلت عليهِ ذهب يَتناولها بيدِهِ فأُخِذَ ، فقال : ادعي اللهَ ولاأضرُّكِ ، فدعتِ اللهَ فأُطْلِقَ . ثم تَناولها الثانيةَ فأُخِذَ مثلها أو أشدَّ ، فقال : ادعي اللهَ لي ولا أضرُّكِ ، فدعتْ فأُطْلِقَ ، فدعا بعضَ حجبتِهِ ، فقال : إنكم لم تأتوني بإنسانٍ ، إنما أتيتموني بشيطانٍ ، فأخدمها هاجرَ ، فأتتْهُ وهو يُصلِّي ، فأومأَ بيدِهِ : مَهْيَا ، قالت : رَدَّ اللهُ كيدَ الكافرِ ، أو الفاجرِ ، في نحرِهِ ، وأخدمَ هاجرَ ) . قال أبو هريرةَ : تلكَ أُمُّكُمْ ، يا بني ماءِ السماءِ"

في بداية الأمر وأنا أبحث, ظننت أن الحديث متواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم فلذلك يجرؤون على نسبة الكذب إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام, ولكني بعد البحث لم أجد هذا الحديث إلا عن طريق أبو هريرة. نعم أخرج البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي...الخ الحديث ولكن كل طرق الحديث عن أبي هريرة  فلم أجد أي صحابي آخر يروي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره. ثم إني بحثت في البخاري ومسلم فلم أجدا أحدا يروي هذا الحديث الذي فيه: "لم يكذب إبراهيم..." الحديث عن أبو هريرة إلا محمد بن سيرين التابعي المعروف. نعم قد روى البخاري روايات إما أنها موقوفة (أي لم يرفعها أبو هريرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم) وإما روايات ليس فيها دلالة قطعية على كذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام. ثم إني لم أجد في البخاري ومسلم من يروي عن ابن سيرين إلا أيوب السختياني, ولم أجدهم ولم يروى الحديث عن أيوب السختياني إلا عن طريق جرير بن حازم, ثم إنهم لم يرووا عن جرير بن حازم إلا عن طريق عبدالله بن وهب بن مسلم القرشي ومن بعده اختلفوا. فروى البخاري عن طريق سعيد بن عيسى بن تليد الرعيني, أما مسلم فإنه روى الحديث عن طريق أبو الطاهر بن السرح وعن هذا الأخير (أقصد أبو الطاهر بن السرح) روى الحاكم أيضا عن محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري عن محمد بن إسماعيل بن مهران النيسابوري عن أبو الطاهر بن السرح وطبعا في رجال السند مقال وعلامات استفهام! وهذا يعني أن الحديث عن أبي هريرة الذي له دلالة, هو حديث فرد في أربعة طبقات. بمعنى أن عبدالله بن وهب تفرد عن جرير بن حازم عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين والخلاف في قبول مثل هذه الأحاديث محل اختلاف بين العلماء, ولكن تفصيل الخلاف والراجح في المسألة وما شابه ذلك في مشاركة أخرى إن شاء الله.

وأما الروايات التي هي خارج البخاري ومسلم, فنعم لم يتفرد أيوب السختياني عن محمد بن سيرين, ولكن هشام بن حسان أيضا روى الحديث عن محمد بن سيرين. أخرج الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب" عن عبد الله بن محمد بن أيوب المخرِّميّ عن على بن عاصم بن صهيب الواسطى عن خالد الحذّاء عن هشام بن حسان. والحديث مُخرّج في مسند أبي يعلى عن مسلم بن أبي مسلم الجرمي عن مخلد بن الحسين عن أبو أسامة الأزدي عن هشام بن حسان. وأخرجه ابن أبي حاتم الرازي في تفسيره عن يحيى بن حبيب بن إسماعيل الأسدي عن أبو أسامة الأزدي عن هشام بن حسان. أما النسائي (صاحب السنن) فأخرجه عن واصل بن عبدالأعلى عن أبو أسامة الأزدي عن هشام بن حسان. وأيضا أخرجه الطبري (المفسر المعروف صاحب جامع البيان عن تأويل آي القرآن) عن محمد بن العلاء بن كريب المعروف بأبو كريب عن أبو أسامة الأزدي عن هشام بن حسان. أبو داود (صاحب السنن) عن محمد بن المثنى بن عبيد العنزي عن عبدالوهاب بن عبدالمجيد بن الصلت عن هشام بن حسان. أخرج ابن حبان (المحدث المعروف صاحب كتاب صحيح ابن حبان) عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن شيرويه عن اسحق بن راهويه عن النضر بن شميل عن هشام بن حسان. والحديث أيضا مُخرّج في أخبار أصبهان عن عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري عن محمد بن أحمد بن راشد الثقفي عن حجاج بن يوسف الثقفي عن زفر بن قرة بن خالد السدوسي عن محمد بن إسحاق بن يسار القرشى عن هشام بن حسان. بناء على ما ذكر, لدينا ستة يروون الحديث عن هشام بن حسان, الغريب في الأمر لا يكاد يخلو سند من الأسانيد المذكورة من مقال وهذا من غير تفتيش عميق عن أحوالهم ولكن على حسب الكتب المشهورة, بل حتى هشام بن حسان نفسه لابد أن نفتح ملفه من جديد ونفهم لماذا كان شعبة يتقي حديثه!؟

فإن قلت هل هناك أحد غير محمد بن سيرين روى هذا الحديث عن أبو هريرة, أقول: فيما أعلم فقط الأعرج وقد تفرد عن الأعرج أبو الزناد. ولكن حتى روايات الأعرج عن أبي هريرة في هذا الموضوع مختلفة, فبعضها موقوف, وبعضها ليس فيها أن إبراهيم عليه السلام كذب ثلاثا وما إلى ذلك. أما الروايات التي فيها ذكر الكذب فنعم أخرجه كل من أحمد بن حنبل عن علي بن حفص المدائني عن ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري عن أبو الزناد. أخرجه الترمذي أيضا عن سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان عن يحيى بن سعيد بن أبان عن محمد بن اسحق بن يسار القرشي عن أبو الزناد عن الأعرج. أخرجه البيهقي في سننه الكبرى عن محمد بن الحسين بن المكرم البغدادي عن أبو حامد بن الشرقي عن أحمد بن حفص و محمد بن عقيل عن حفص بن عبدالله عن إبراهيم بن طمهان عن موسى بن عقبة عن أبو الزناد. وكل هذه الأسانيد لا تخلو من مقال في الرجال أو السلسلة وربما أحسنها ما أخرجه البيهقي لكن تأمل التفرد في سبعة طبقات!

بعد هذه الدراسة الأولية, أحب أن أنوّه بأني لم أحلل السند تحليلا عميقا أقصد من ناحية الوفيات والمعاصرة وما إلى ذلك ولم أدرس متون هذه الأحاديث التي هي في حد ذاتها مشكلة, إنما درست الرجال على عجل, وإلا فلو تعمقت فلعلي سأضطر إلى كتابة مشاركة عن رجال كل سند وما قيل فيهم وما إلى ذلك وهذا سيطول جدا. الغريب في الأمر تفرد البخاري ومسلم بالحديث في أربعة طبقات ولم أجد في مسند الإمام أحمد بن حنبل شيئا من طرقهم التي أخرجوها في كتبهم أقصد بأن أحمد بن حنبل لم يخرج هذا الحديث عن طريق محمد بن سيرين وهذا عجيب! وذلك لأن الإمام أحمد بن حنبل جعل من مسنده مرجعا للمسلمين, فعدم وجود ولا حتى رواية واحدة أمر يثير الاستغراب ولكنه أمر لا يعتبر مستحيلا فانتبه. والإمام مالك لم يخرج الحديث فيما أعلم في موطأه عن محمد بن سيرين, بل لم يخرجه عن أي أحد من الصحابة ومعروف أن موطأ الإمام مالك أقدم كتب متون الحديث (أقدم من البخاري ومسلم وبقية كتب الحديث) ومن أصحها.  وكذلك الإمام عبدالرزاق الصنعاني وهو أقدم من الإمام أحمد بن حنبل لم يخرج الحديث إلا موقوفا.

الغريب أن الروايات التي هي موقوفة أقوى سندا من الروايات المرفوعة, فالبخاري أخرج عن محمد بن محبوب البناني و سليمان بن حرب بن بجيل عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا.  تأمل رجال السند الذي أخرجه عبدالرزاق الصنعاني, معمر عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة (موقوفا). أخرج الإمام محمد بن نصر المروزي في كتابه "تعظيم قدر الصلاة" الحديث موقوفا مثل سند عبدالرزاق الصنعاني وهو أيضا من القدامى. أيضا أخرج النسائي في سننه الكبرى الحديث موقوفا عن سليمان بن سلم بن سابق الهدادى عن النضر بن شميل عن عبدالله بن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة (موقوفا). تأمل من روى عن محمد بن سيرين, إنه عبدالله بن عون أي راو آخر غير أيوب السختياني يرويه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا! وهكذا إن أنت بحثت الروايات الموقوفة وجدتها أقوى سندا من الروايات المرفوعة فيما أعلم عن محمد بن سيرين ولكن كما قلت سابقا لا الإمام أحمد ولا الإمام مالك أخرجا عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا. فإن قلت بأن الحديث الموقوف يأخذ حكم المرفوع في هذه المسائل فأقول ليس دائما وخاصة من اشتهر بأنه يأخذ الإسرائيليات.

قبل البحث المتعمق, وبعد المعلومات التي نثرتها في هذه المشاركة, يغلب على ظني بأن هذا الحديث لا يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم, بل إني أظنه من الأحاديث الموقوفة التي ربما أخذها أبو هريرة عن كعب الأحبار (هذا إن ثبت الحديث عن أبي هريرة أصلا! ). ثم إن ثبت الحديث عن أبي هريرة, فكما قرأتم في مدونة سابقة والتي كانت بعنوان "مرويات أبو هريرة" وجدنا بأن أغلب مرويات أبو هريرة عن الغيبيات, وهذا الحديث من الغيبيات أيضا, أي لا يمكن للإنسان العادي أن يعلم ذلك في ذلك الوقت إلا عن طريق الوحي. وبما أن أبو هريرة كان يجالس كعب الأحبار, وقد رُوي التحذير من بسر بن سعيد حيث قال: "اتقوا اللَّه ، وتحفظوا من الحديث ، فوالله لقد رأيتنا نجالس أَبَا هُرَيْرَةَ ، فيتحدث عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ويحدثنا عَنْ كعب، ثم يقوم ، فأسمع بعض من كَانَ معنا يجعل حديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كعب، وحديث كعب عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم" وينسب إلى يزيد بن هارون بأنه قال: "سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلس - أي يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يميز هذا من هذا" كما ذكره ابن عساكر و ابن كثير في البداية والنهاية. فأنا لا أتهم أبو هريرة في المقام الأول, إنما الرواة, فإن ثبت الحديث عن أبي هريرة فلا يعني بأننا نقطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأنه كذب ثلاثا وكل هذه الشبهات قائمة حول مروياته.

طبعا تكلم العلماء في معنى هذا الحديث, ولهم تأويلات وتكلفات احترازا من أن يُنسب الكذب إلى إبراهيم عليه السلام ومنهم لم يستطع أن يُؤل معنى الحديث لكنه سلم وقال بأنه لا مجال إلا أن بتكذيب الرواة (أو بمعناه) وهذا يكاد يكون شبه مستحيل عندهم, أقول لهم بدلا من الضيق و التحرز من تكذيب الرواة كان الأولى أن يضيق صدركم أن تنسبوا للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه قال إن إبراهيم كذب ثلاثا وكل هذه الشبهات قائمة, من تكذيب إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم ولكن ما هذا إلا من آثار العصبية والغلو والله المستعان. وما أجمل ما قاله الإمام الفخر الرازي في تفسيره الآية: ((فقال إني سقيم)) : "قال بعضهم ذلك القول عن إبراهيم عليه السلام كذبة ورووا فيه حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ما كذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات" قلت لبعضهم هذا الحديث لا ينبغي أن يقبل لأن نسبة الكذب إلى إبراهيم لا تجوز فقال ذلك الرجل فكيف يحكم بكذب الرواة العدول؟ فقلت لما وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبته إلى الخليل عليه السلام كان من المعلوم بالضرورة أن نسبته إلى الراوي أولى" أسأل الله أن يرحم الإمام الرازي رحمة واسعة.

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا)) سبحان الله! كلما أجد حديثا أجد في نفسي حرجا منه أو فيه شبهة, أجد في القرآن ما يعارضه ولو إشارة (بمعنى لا يكون الرد قطعيا يفهمه كل أحد إنما فهمي الشخصي), سبحان الله وكأن في الآية رد لما في التوراة من نسب الكذب إلى إبراهيم ورد لمن سيأتي من بعد فينسب الكذب إليه عن طريق أحاديث لا تكاد تثبت. ويفهم اللبيب إشارة مشابهة في قوله سبحانه وتعالى: ((وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى)) ولم يقلها لنبي غيره بل وكأنه لا مقام أعلى من مقام إبراهيم عليه السلام ((وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)) فهل كان إبراهيم مضطرا للكذب لينجو أو ليوهم السامع بخلاف ما يريد وما أشبه ذلك وهو رأى آيات ربه وجربها من قبل!؟ سبحان الله!

لن أقوم بنقد متون هذه المرويات, وذلك لأني إلى الآن لم أدرس حديث الشفاعة, فإن شيخي الفاضل ادعى بأن موضوع كذب إبراهيم مذكور في هذا الحديث وحديث الشفاعة, لا أعلم عن أي حديث من أحاديث الشفاعة التي يقصدها ولكني سأبحثها عاجلا إن شاء الله, ولكني قبل أن أبحث عن أحاديث الشفاعة أكاد أجزم بأن الحديث الذي فيه ذكر كذب إبراهيم في قصة الشفاعة سيكون مرويا عن أبي هريرة وأكاد أجزم بأن حديث الشفاعة الذي قصده شيخي سيكون متضاربا مع هذا الحديث, لكني لن أقول بأني أقسم بالله على ذلك كما يفعل بعضهم! فإني لم أحط بكل شيء علما ولم أدرس بالتفصيل, بخلافهم فإنهم قوم يستعجلون, فهم مُستعدون أن يقسموا بأن هذه الأحاديث ثابتة قطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بل مستعدون أن يُباهلوا على ذلك لأنه لم يوجد أحد من السلف من انتقد الحديث وعلى حسب فهمهم إن لم ينتقد السلف الحديث فهذا يعني اجماع (وهذا لا يُسلم لهم أيضا), وكأنهم استحوذوا على الحق المطلق, فلا تستغرب أبدا أيها القارئ أن يأتيك أحدهم فيُقسم أن إبراهيم كذب ثلاثا ويصر اثبات الكذب على النبي الكريم, بل ولا تستبعد أن يأتي أحدهم فيُؤلف كتابا في العقيدة ويذكر فيها: "وأنه من عقيدتنا أن إبراهيم كذب ثلاثا لما رواه البخاري ومسلم عن الثقات عن الصحابة العدول عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم" ولا حول ولا قوة إلا بالله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

2 comments:

  1. جزيت خيراً الأخ عبدالعزيز فقد دافعت عن نبي بل أبو الأنبياء فلو كذب هو فبنيه اكذب وحاشاه وحاشاه هو ويكفي الآيه التي ذكرتها صديقا نبيا... فأي تعارض للقرآن أكبر من هذا الحديث ولا تنسى أن الآيه التي قبلها تقول إبراهيم مخاطباً بعض قومه... تالله لاكيدن اصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ؛ أي أخبرهم لما سيفعله بعد ذهابهم لحفلهم ذلك ؛ لذا هم مباشرةً لما وجدوا ما حدث للاصنام تذكروا قوله. وتهديده لهم بالكيد بعد ذهابهم فقالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم. وهذا دليل انه لم يكذب وإنما صرح بذلك الفعل قبل القيام به. اليوم قرٲت للشيخ حسن المالكي تغريدات في نفس الموضوع اوجز فيها وأثبت عدم صحة هذا الحديث فراجع هذه التغريدات.

    ReplyDelete
    Replies
    1. جزاك الله خيرا أخي الصادق على هذه الكلمات والفهم العميق لآيات القرآن. الحقيقة هكذا ينبغي لكل طالب علم, الإنسان لابد أن يسخر علمه لنصرة دين الله وكتابه وأنبيائه, وإن لم يصب في بعض الأحيان فإن شاء الله لا يؤثم بسبب نيته في الدفاع عن أبو الأنبياء خليل الرحمن. وقد قرأت كلمات الشيخ حسن فرحان المالكي وأحسن في فهمه للآيات وعلل الحديث بعلل صحيحة. شكرا لك أخي الصادق عبدالله للمرور واتمنى أن يستفيد كل منا من الآخر.

      Delete