قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا"
شكر المنعم فرض واجب وإنما ذلك بالمقارضة له بمثل ما أحسن فأكثر ثم بالتهمم
بأموره وبالتأتي بحسن الدفاع عنه ثم بالوفاء له حياً وميتاً ولمن يتصل به من ساقة وأهل
كذلك؛ ثم بالتمادي على وده ونصيحته ونشر محاسنه بالصدق وطي مساويه ما دمت حياً وتوريث
ذلك عقبك وأهل ودك , وليس من الشكر عونه على الآثام وترك نصيحته فيما يوتغ به دينه
ودنياه بل من عاون من أحسن إليه على باطل فقد غشه وكفر إحسانه وظلمه وجحد إنعامه
.
وأيضاً فإن إحسان الله تعالى وإنعامه على كل حال أعظم وأقدم وأهنأ من نعمة كل
منعم دونه عز وجل فهو تعالى الذي شق لنا الأبصار الناظرة وفتق فينا الآذان السامعة
ومنحنا الحواس الفاضلة ورزقنا النطق والتمييز اللذين بهما استأهلنا أن يخاطبنا وسخر
لنا ما في السموات وما في الأرض من الكواكب والعناصر. ثم و لم يفضل علينا من خلقه شيئاً
غير الملائكة المقدسين الذين هم عمار السموات فقط فأين تقع نعم المنعمين من هذه النعم
! فمن قدر أنه يشكر محسناً إليه بمساعدته على باطل أو بمحاباته فيما لا يجوز فقد كفر
نعمة أعظم المنعمين وجحد إحسان أجل المحسنين إليه ولم يشكر ولي الشكر حقاً ولا حمد
أهل الحمد أصلاً وهو الله عز وجل .ومن حال بين المحسن إليه
وبين الباطل وأقامه على مر الحق فقد شكره حقاً وأدى واجب حقه عليه مستوفى ولله الحمد
أولاً وآخراً وعلى كل حال. مع تحيات ابن حزم الظاهري رحمه الله.
No comments:
Post a Comment